responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 450
فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن[1] أو يجعل الله لهن سبيلا. أما غير المحصنات وهن الأبكار فقد قال تعالى في شأنهن، {وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} فآذوها، أي: بالضرب الخفيف والتقريع والعتاب، مع الحبس للنساء، أما الرجال فلا يحبسون وإنما يكتفى بآذاهم إلى أن يتوبوا ويصلحوا فحين إذ يعفو عنهم ويكفوا عن أذيتهم هذا معنى قوله تعالى: {وَالَّذَانِ[2] يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً} .
ولم يمض على هذين الحدين إلا القليل من الزمن حتى أنجز الرحمن ما وعد وجعل لهن سبيلاً، فقد صح أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان جالساً بين أصحابه حتى أنزل الله تعالى عليه الحكم النهائي في جريمة الزنا فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذوا عني، خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام". والمراد من الثيب بالثيب، أي: إذا ثيب بثيب، وكذا البكر بالبكر. وبهذا أوقف الحد الأول من النساء والرجال معاً ومضى الثاني، أما جلد البكرين فقد نزل فيه آية النور: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ، وأما رجم المحصنين فقد مضت فيه السنة، فقد رجم ماعز، والغامدية بأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حد قائم إلى يوم القيامة. هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى (15) والثانية (16) ، وأما الآيتان بعدهما وهما (17) و (18) فقد أخبر تعالى أن الذين يستحقون التوبة وثبتت لهم من الله تعالى هم المذنبون الذين يرتكبون المعصية بسب جهالة منهم، ثم يتوبون من قريب لا يسوفون التوبة ولا يؤخرونها أما الذين يجترحون السيئات مع علم منهم وإصرار، ولا يتوبون إثر غشيان الذنب فلا توبة تضمن لهم فقد يموتون بلا توبة شأنهم شأن الذين يعملون السيئات ولا يتوبون حتى إذا مرض أحدهما وظهرت عليه علامات الموت وأيقن إنه ميت لا محالة قال إنه تائب كشأن الكافرين إذا تابوا عند[3] معاينة الموت فلا تقبل

[1] يتوفاهن: يتقاضاهن. يقال: توفى فلان حقه من فلان بمعنى استوفاه، أي: أخذه كاملا لم يبقى منه شيئاً ولما كان العمر أياماً تمر يوماً بعد يوم حتى ينقضي العمر ويموت الإنسان، قيل في الموت: الوفاة، ويقال: توفى فلان؛ لأن أيامه أخذت يوماً فيوماً حتى انقضت على طريقة تسديد الدين جزءاً فجزءاً حتى كمل. قال الشاعر:
إذ ما تقاضى المرء يوم وليلة ... تقاضاه شيء لا يمل التقضيا
[2] المراد من هذان: الإمساك للمرأة الزانية دون الرجل؛ لأن الرجل يعمل فلا يحبس، فلذا غلب جانب النساء في قوله: {واللاتي يأتِيَا الفَاحِشَة} ، وغلب الرجل على المرأة في قوله: {واللَذان يَأْتْيانَها منكم} لأن الأذى صالح للمرأة والرجل معاً، وهو عبارة عن السب والجفاء والتوبيخ باللسان لاغير.
[3] وعليه، فقوله تعالى: {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} ليس على ظاهره، وإنما معناه يشرفون على الموت، ومن أشرف على الموت، وحضره، فحكمه حكم من مات وهو سائغ في اللغة.
نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست