نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 559
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً} أي: إذا رضيتم بالجلوس معهم، وهم يخوضون في آيات الله {مِثْلُهُمْ} في الإثم والجريمة[1]، والجزاء أيضاً، {إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} فهل ترضون أن تكونوا معهم في جهنم، وإن قلتم لا إذا فلا تجالسوهم. ثم ذكر تعالى وصفاً آخر للمنافقين يحمل التنفير منهم والكراهية والبغض لهم فقال: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} أي: ينتظرون بكم الدوائر ويتحينون الفرص {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ} أي: نصر وغنيمة قالوا: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} فأشركونا في الغنيمة، {وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ} في النصر، قالوا لهم: {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ[2] عَلَيْكُمْ} أي: نستول عليكم {وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أن يقاتلوكم، فأعطونا مما غنمتم، وهكذا المنافقون يمسكون العصا من الوسط، فأي جانب غلب كانوا معه. ألا لعنة الله على المنافقين وما على المؤمنين إلا الصبر لأن مشكلة المنافقين عويصة الحل، فالله يحكم بينهم يوم القيامة. أما الكافرون الظاهرون فلن يجعل الله تعالى لهم على المؤمنين سبيلاً لا لاستئصالهم وإبادتهم، ولا لاذلالهم والتسلط عليهم ما داموا مؤمنين صادقين في إيمانهم[3]. وهذا ما ختم الله تعالى به الآية الكريمة إذ قال: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- حرمة اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين.
2- الباعث للناس على اتخاذ الكافرين أولياء هو الرغبة في العزة ورفع المذلة وهذا باطل، فالعزة لله ولا تطلب إلا منه تعالى بالإيمان واتباع منهجه.
3- حرمة مجالسة أهل الباطل إذا كانوا يخوضون في آيات الله نقداً واستهزاء وسخرية.
4- الرضا بالكفر كفر، والرضا بالإثم إثم.
5- تكفل الله تعالى بعزة المؤمنين الصادقين ومنعتهم فلا يسلط عليهم أعداءه [1] في الآية دليل على حرمة الجلوس في مجالس المعاصي وغشيان الذنوب إلى أن ينكر ذلك على أصحابها؛ لأن الرضا بالمعصية معيصية، بل الرضا بالكفر كفر بالإجماع. ويدخل في هذا مجالس أرباب الأهواء وأصحاب البدع، والآية محكمة لا نسخ فيها. [2] أصل الاستحواذ: الحوط، يقال: حاذه يحذه حوذًا، إذ أحاطه، فمعنى: استحوذ: أحاط واستولى وغلب. [3] يشهد لهذا حديث مسلم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إني سألت ربي ألا يهلكها –أي: أمته- بسنة عامة وألا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضاً". وهو معنى قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} .
نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 559