responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 158
مرّة الهمذاني عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الم. قَالَ: أَمَّا الم فَهِيَ حُرُوفٌ اسْتُفْتِحَتْ مِنْ حُرُوفِ هِجَاءِ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الم} قَالَ: هَذِهِ الْأَحْرُفُ الثَّلَاثَةُ مِنَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا دَارَتْ فِيهَا الْأَلْسُنُ كُلُّهَا، لَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاحُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِنْ آلَائِهِ وَبَلَائِهِ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ فِي مُدَّةِ أَقْوَامٍ وَآجَالِهِمْ. قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وعَجب، فَقَالَ: وأعْجَب أَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ بِأَسْمَائِهِ وَيَعِيشُونَ فِي رِزْقِهِ، فَكَيْفَ يَكْفُرُونَ بِهِ؛ فَالْأَلِفُ مِفْتَاحُ اسْمِ اللَّهِ، وَاللَّامُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ لَطِيفٍ [1] وَالْمِيمُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ مَجِيدٍ [2] فَالْأَلِفُ آلَاءُ اللَّهِ، وَاللَّامُ لُطْفُ اللَّهِ، وَالْمِيمُ مَجْدُ اللَّهِ، وَالْأَلِفُ [3] سَنَةٌ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ [سَنَةً] [4] . هَذَا لَفْظُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ. وَنَحْوُهُ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، ثُمَّ شَرَعَ يُوَجِّهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَيُوَفِّقُ بَيْنَهَا، وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ، وَأَنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ، فَهِيَ أَسْمَاءُ السُّوَرِ، وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يُفْتَتَحُ بِهَا السُّوَرُ، فَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا دَلّ عَلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، كَمَا افْتَتَحَ سُوَرًا كَثِيرَةً بِتَحْمِيدِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَعْظِيمِهِ. قَالَ: وَلَا مَانِعَ مِنْ دَلَالَةِ الْحَرْفِ مِنْهَا عَلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَعَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَعَلَى مُدَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ تُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ، كَلَفْظَةِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهَا تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الدِّينُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزُّخْرُفِ: 22، 23] . وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الرَّجُلُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ، كَقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النَّحْلِ: 120] وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْجَمَاعَةُ، كَقَوْلِهِ: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [الْقَصَصِ: 23] ، وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا} [النَّحْلِ: 36] وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْحِينُ مِنَ الدَّهْرِ كَقَوْلِهِ: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يُوسُفَ: 45] أَيْ: بَعْدَ حِينٍ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، قَالَ: فَكَذَلِكَ هَذَا.
هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ مُوَجَّهًا، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، فَإِنَّ أَبَا الْعَالِيَةِ زَعَمَ أَنَّ الْحَرْفَ دَلَّ عَلَى هَذَا، وَعَلَى هَذَا، وَعَلَى هَذَا مَعًا، وَلَفْظَةُ الْأُمَّةِ وَمَا أَشْبَهَهَا [5] مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الِاصْطِلَاحِ، إِنَّمَا دَلَّ فِي الْقُرْآنِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ، فَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى مَجْمُوعِ مَحَامِلِهِ إِذَا أَمْكَنَ فَمَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ، لَيْسَ هَذَا [6] مَوْضِعُ الْبَحْثِ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ ثُمَّ إِنْ لَفْظَ الْأُمَّةِ تَدُلُّ عَلَى كُلِّ [7] مَعَانِيهِ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ بِدَلَالَةِ الْوَضْعِ، فَأَمَّا دَلَالَةُ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ عَلَى اسْمٍ يُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى اسْمٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فِي التَّقْدِيرِ أَوِ الْإِضْمَارِ بِوَضْعٍ وَلَا بِغَيْرِهِ، فَهَذَا مِمَّا لَا يُفْهَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَلَيْسَ فِيهَا إِجْمَاعٌ حَتَّى يُحْكُمَ بِهِ.

[1] في جـ: "اسمه اللطيف"، وفي أ: "اسم لطيف".
[2] في جـ: "المجيد".
[3] في جـ، ط، ب، أ، و: "فالألف".
[4] زيادة من جـ، ط، ب.
[5] زيادة من جـ، ط، ب، أ، و: "وما أشبهه".
[6] في أ: "هنا".
[7] في ط، ب: "كل من".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست