responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 183
عَبَّاسٍ: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} مِنْ يَهُودَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَهُمْ بِالتَّكْذِيبِ وَخِلَافِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} إِلَى أَصْحَابِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} قال: إلى رؤوسهم، وَقَادَتِهِمْ فِي الشِّرْكِ، وَالشَّرِّ.
وَبِنَحْوِ ذَلِكَ فسَّره أَبُو مَالِكٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَشَيَاطِينُ كُلِّ شَيْءٍ مَرَدَتُه، وَتَكُونُ الشَّيَاطِينُ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الْأَنْعَامِ: 112] .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِلْإِنْسِ شَيَاطِينٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ" [1] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ إِنَّا عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} أَيْ: إِنَّمَا نَحْنُ نَسْتَهْزِئُ بِالْقَوْمِ وَنَلْعَبُ بِهِمْ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ سَاخِرُونَ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَكَذَلِكَ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى جَوَابًا لَهُمْ وَمُقَابَلَةً عَلَى صَنِيعِهِمْ: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}
وَقَالَ [2] ابْنُ جَرِيرٍ: أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ فَاعِلٌ بِهِمْ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} الْآيَةَ [الْحَدِيدِ: 13] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 178] . قَالَ: فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ، مِنَ اسْتِهْزَاءِ اللَّهِ، تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَسُخْرِيَّتِهِ وَمَكْرِهِ وَخَدِيعَتِهِ لِلْمُنَافِقِينَ، وَأَهْلِ الشِّرْكِ بِهِ عِنْدَ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ، وَمُتَأَوِّلِ هَذَا التَّأْوِيلِ.
قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ تَوْبِيخُهُ إِيَّاهُمْ، وَلَوْمُهُ لَهُمْ عَلَى مَا رَكِبُوا مِنْ مَعَاصِيهِ، وَالْكُفْرِ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا وَأَمْثَالُهُ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَابِ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِمَنْ يَخْدَعُهُ إِذَا ظَفِرَ بِهِ: أَنَا الَّذِي خَدَعْتُكَ. وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُ خَدِيعَةٌ، وَلَكِنْ قَالَ ذَلِكَ إِذْ صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ، قَالُوا: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 54] وَ {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} على الجواب، والله

[1] المسند (5/178) .
[2] في طـ، ب: "وقال".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست