responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 201
إليَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا [1] يَوْمَ الْقِيَامَةِ" لَفْظُ [2] مُسْلِمٍ. وَقَوْلُهُ: "وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا" أَيِ: الَّذِي اخْتَصَصْتُ بِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ هَذَا الْقُرْآنُ الْمُعْجِزُ [3] لِلْبَشَرِ أَنْ يُعَارِضُوهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُعْجِزَةً [عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ] [4] وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَصِدْقِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ حَصْرٍ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
[وَقَدْ قَرَّرَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ الْإِعْجَازَ بِطَرِيقٍ يَشْمَلُ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي الصُّوفِيَّةِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ مُعْجِزًا فِي نَفْسِهِ لَا يَسْتَطِيعُ الْبَشَرُ الْإِتْيَانَ بِمِثْلِهِ وَلَا فِي قُوَاهُمْ مُعَارَضَتُهُ، فَقَدْ حَصَلَ الْمُدَّعَى وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَ فِي إِمْكَانِهِمْ مُعَارَضَتُهُ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ مَعَ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؛ لِصَرْفِهِ إِيَّاهُمْ عَنْ مُعَارَضَتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَرْضِيَّةً لِأَنَّ الْقُرْآنَ فِي نَفْسِهِ مُعْجِزٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْبَشَرُ مُعَارَضَتَهُ، كَمَا قَرَّرْنَا، إِلَّا أَنَّهَا تَصْلُحُ عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ وَالْمُجَادَلَةِ وَالْمُنَافَحَةِ عَنِ الْحَقِّ وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَجَابَ فَخْرُ الدِّينِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ سُؤَالِهِ فِي السُّوَرِ الْقِصَارِ كَالْعَصْرِ وَ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} ] [5] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} أَمَّا الوَقُود، بِفَتْحِ الْوَاوِ، فَهُوَ مَا يُلْقَى فِي النَّارِ لِإِضْرَامِهَا كَالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ، كَمَا قَالَ: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الْجِنِّ: 15] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 98] .
وَالْمُرَادُ بِالْحِجَارَةِ هَاهُنَا: هِيَ حِجَارَةُ الْكِبْرِيتِ الْعَظِيمَةُ السَّوْدَاءُ الصَّلْبَةُ الْمُنْتِنَةُ، وَهِيَ أَشَدُّ الْأَحْجَارِ حَرًّا إِذَا حَمِيَتْ، أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْهَا.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ الزَّرَّادُ [6] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} قَالَ: هِيَ حِجَارَةٌ مِنْ كِبْرِيتٍ، خَلَقَهَا اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، يُعِدُّهَا لِلْكَافِرِينَ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ. وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ [7] .
وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} أَمَّا الْحِجَارَةُ فَهِيَ حِجَارَةٌ فِي النَّارِ مِنْ كِبْرِيتٍ أَسْوَدَ، يُعَذَّبُونَ بِهِ مَعَ النَّارِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حِجَارَةٌ مِنْ كِبْرِيتٍ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: [هِيَ] [8] حِجَارَةٌ مِنْ كِبْرِيتٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حِجَارَةٌ مِنْ كِبْرِيتٍ أَسْوَدَ فِي النَّارِ، وَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دينار:

[1] في جـ: "تبعا".
[2] صحيح البخاري برقم (4981) ، وصحيح مسلم برقم (152) .
[3] في ط: "المفهم".
[4] زيادة من جـ، ط، ب، أ.
[5] زيادة من جـ، ط، ب.
[6] في جـ: "الرزاز".
[7] تفسير الطبري (1/381) وتفسير ابن أبي حاتم (1/85) والمستدرك (2/61) .
[8] زيادة من جـ.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست