responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 217
الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَالصَّالِحُونَ وَالْعُبَّادُ، وَالزُّهَّادُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَالْأَبْرَارُ وَالْمُقَرَّبُونَ، وَالْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَالْخَاشِعُونَ، وَالْمُحِبُّونَ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمُتَّبِعُونَ رُسُلَهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ [1] : أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا صَعِدَتْ إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى بِأَعْمَالِ عِبَادِهِ سَأَلَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَتَعَاقَبُونَ فِينَا وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَيَمْكُثُ هَؤُلَاءِ وَيَصْعَدُ أُولَئِكَ بِالْأَعْمَالِ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ" فَقَوْلُهُمْ: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون من تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ جَوَابًا لَهُمْ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} أَنَّ لِي حِكْمَةً مُفَصَّلَةً فِي خَلْقِ هَؤُلَاءِ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرْتُمْ لَا تَعْلَمُونَهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} فَقَالَ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} أَيْ: مِنْ وُجُودِ إِبْلِيسَ بَيْنَكُمْ وَلَيْسَ هُوَ كَمَا وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهِ. وَقِيلَ: بَلْ تَضَمَّنَ قَوْلُهُمْ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} طَلَبًا مِنْهُمْ أَنْ يَسْكُنُوا الْأَرْضَ بَدَلَ بَنِي آدَمَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} مِنْ أَنَّ بَقَاءَكُمْ فِي السَّمَاءِ أَصْلَحُ لَكُمْ وَأَلْيَقُ بِكُمْ. ذَكَرَهَا فَخْرُ الدِّينِ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَجْوِبَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ذِكْرُ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ بِبَسْطِ مَا ذَكَرْنَاهُ:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَمُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي بَكْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، قَالُوا: قَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً} قَالَ لَهُمْ: إِنِّي فَاعِلٌ. وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: اسْتَشَارَ الْمَلَائِكَةَ فِي خَلْقِ آدَمَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ [2] : وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوُهُ. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ إِنْ لَمْ تَرْجِعْ إِلَى مَعْنَى الْإِخْبَارِ فَفِيهَا تَسَاهُلٌ، وَعِبَارَةُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ أَحْسَنُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
{فِي الأرْضِ} قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ [3] حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ [4] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دُحِيت الْأَرْضُ مِنْ مَكَّةَ، وَأَوَّلُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ الْمَلَائِكَةُ، فَقَالَ اللَّهُ: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، يَعْنِي مَكَّةَ" [5] .
وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ، وَفِيهِ مُدْرَج، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ مَكَّةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
{خَلِيفَةً} قَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً}

[1] صحيح مسلم برقم (632) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] في جـ، ط: "وقال".
[3] في جـ: "أحمد".
[4] في جـ، ط، ب: "النبي".
[5] تفسير ابن أبي حاتم (1/108) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست