responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 221
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: التَّقْدِيسُ: التَّطْهِيرُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} قَالَ: لَا نَعْصِي وَلَا نَأْتِي شَيْئًا تَكْرَهُهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: التَّقْدِيسُ: هُوَ التَّعْظِيمُ وَالتَّطْهِيرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: سُبُّوح قُدُّوس، يَعْنِي بِقَوْلِهِمْ: سُبوح، تَنْزِيهٌ لَهُ، وَبِقَوْلِهِمْ: قُدُّوسٌ، طَهَارَةٌ وَتَعْظِيمٌ لَهُ. وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْأَرْضِ: أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُطَهَّرَةَ. فَمَعْنَى قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ إِذًا: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} نُنَزِّهُكَ وَنُبَرِّئُكَ مِمَّا يُضِيفُهُ إِلَيْكَ أهلُ الشِّرْكِ بِكَ {وَنُقَدِّسُ لَكَ} نَنْسِبُكَ إِلَى مَا هُوَ مِنْ صِفَاتِكَ، مِنَ الطَّهَارَةِ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَمَا أَضَافَ إِلَيْكَ أَهْلُ الْكُفْرِ بِكَ.
[وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَا اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ" [1] وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرْطٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ سَمِعَ تَسْبِيحًا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَا "سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" [2] ] [3] .
{قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} قَالَ قَتَادَةُ: فَكَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ سَيَكُونُ فِي تِلْكَ الْخَلِيقَةِ أَنْبِيَاءُ وَرُسُلٌ وَقَوْمٌ صَالِحُونَ وَسَاكِنُو الْجَنَّةِ، وَسَيَأْتِي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَقْوَالٌ فِي حِكْمَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ نَصْبِ الْخَلِيفَةِ لِيَفْصِلَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَيَقْطَعَ تَنَازُعَهُمْ، وَيَنْتَصِرَ لِمَظْلُومِهِمْ مِنْ ظَالِمِهِمْ، وَيُقِيمَ الْحُدُودَ، وَيَزْجُرَ عَنْ تَعَاطِي الْفَوَاحِشِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ إِقَامَتُهَا إِلَّا بِالْإِمَامِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
وَالْإِمَامَةُ تُنَالُ بِالنَّصِّ كَمَا يَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أَبِي بَكْرٍ، أَوْ بِالْإِيمَاءِ إِلَيْهِ كَمَا يَقُولُ آخَرُونَ مِنْهُمْ، أَوْ بِاسْتِخْلَافِ الْخَلِيفَةِ آخَرَ بَعْدَهُ كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَوْ بِتَرْكِهِ شُورَى فِي جَمَاعَةٍ صَالِحِينَ كَذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ، أَوْ بِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ عَلَى مُبَايَعَتِهِ أَوْ بِمُبَايَعَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَهُ فَيَجِبُ الْتِزَامُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَكَى عَلَى ذَلِكَ [4] إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْإِجْمَاعَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ بِقَهْرِ وَاحِدٍ النَّاسَ عَلَى طَاعَتِهِ فَتَجِبُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى الشِّقَاقِ وَالِاخْتِلَافِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ.
وَهَلْ يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى عَقْدِ الْإِمَامَةِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ، وَقِيلَ: بَلَى وَيَكْفِي شَاهِدَانِ. وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ: يَجِبُ أَرْبَعَةٌ وَعَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ لَهُ، كَمَا تَرَكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ، فَوَقَعَ الْأَمْرُ عَلَى عَاقِدٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف، ومعقود له وهو عثمان، واستنبط

[1] صحيح مسلم برقم (2731) .
[2] ورواه أبو نعيم في الحلية (2/7) من طريق مسكين بن ميمون عَنْ عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قرط رضي الله عنه به مرفوعا وسيأتي من رواية الطبراني عند تفسير الآية: 44 من سورة الإسراء.
[3] زيادة من جـ، ط، ب، أ.
[4] في أ: "تلك".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست