responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 244
اللَّهِ لِذَلِكَ الطَّمَعِ وَهُوَ الثَّمَنُ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا} يَقُولُ: لَا تَأْخُذُوا عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ: وَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُمْ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ: يَا ابْنَ آدَمَ عَلِّم مَجَّانا كَمَا عُلِّمت مَجَّانا.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَعْتَاضُوا عَنِ الْبَيَانِ وَالْإِيضَاحِ وَنَشْرِ الْعِلْمِ النَّافِعِ فِي النَّاسِ بِالْكِتْمَانِ وَاللَّبْسِ لِتَسْتَمِرُّوا عَلَى رِيَاسَتِكُمْ فِي الدُّنْيَا الْقَلِيلَةِ الْحَقِيرَةِ الزَّائِلَةِ عَنْ قَرِيبٍ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَرُحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [1] وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْعِلْمِ بِأُجْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ أُجْرَةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَقُومُ بِهِ حَالُهُ وَعِيَالُهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَطَعَهُ التَّعْلِيمُ عَنِ التَّكَسُّبِ، فَهُوَ كَمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ أُجْرَةً عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ اللَّدِيغِ: "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ" [2] وَقَوْلُهُ فِي قِصَّةِ الْمَخْطُوبَةِ: "زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ" [3] فَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ فَأَهْدَى لَهُ قَوْسًا، فَسَأَلَ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُطَوَّقَ بِقَوْسٍ مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهُ" فَتَرَكَهُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ [4] وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا [5] فَإِنْ صَحَّ إِسْنَادُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ: أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ لَمْ يَجُزْ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ بِذَلِكَ الْقَوْسِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى التَّعْلِيمِ بِالْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي حَدِيثِ اللَّدِيغِ وَحَدِيثِ سَهْلٍ فِي الْمَخْطُوبَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: التَّقْوَى أَنْ تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ رَجَاءَ رَحْمَةِ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، وَالتَّقْوَى أَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ مَخَافَةَ عَذَابِ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} أَنَّهُ تَعَالَى يَتَوَعَّدُهُمْ فِيمَا يَتَعَمَّدُونَهُ مِنْ كِتْمَانِ الْحَقِّ وَإِظْهَارِ خِلَافِهِ [6] وَمُخَالَفَتِهِمُ الرَّسُولَ، صلوات الله وسلامه عليه.

[1] سنن أبي داود برقم (3664) .
[2] صحيح البخاري برقم (5007) وهذا اللفظ هو لفظ حديث ابن عباس.
[3] رواه البخاري في صحيحه برقم (5149) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.
[4] سنن أبي داود برقم (3416) .
[5] رواه البيهقي في السنن الكبرى (6/125) من طريق عبد الرحمن بن أبي مسلم، عن عطية بن قيس، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ به مرفوعا، وهو منقطع.
[6] في أ: "وإظهاره الباطل".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست