responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 265
لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَضُرِبَ دُونَهُ [1] بِالْحِجَابِ، وَدَنَا الْقَوْمُ حَتَّى إِذَا دَخَلُوا فِي الْغَمَامِ وَقَعُوا سُجُودًا [2] فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ مُوسَى يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ: افْعَلْ وَلَا تَفْعَلْ. فَلَمَّا فَرَغَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِ انْكَشَفَ عَنْ مُوسَى الْغَمَامُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا لِمُوسَى: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ [3] ، وَهِيَ الصَّاعِقَةُ، فَمَاتُوا جَمِيعًا. وَقَامَ مُوسَى يُنَاشِدُ رَبَّهُ وَيَدْعُوهُ وَيَرْغَبُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ [وَإِيَّايَ] [4] } [الْأَعْرَافِ: 155] قَدْ سَفِهُوا، أَفَتُهْلِكُ مَنْ وَرَائِي مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا يَفْعَلُ السُّفَهَاءُ مِنَّا؟ أَيْ: إِنَّ هَذَا لَهُمْ هَلَاكٌ. اخترتُ مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا الخَيِّر فَالْخَيِّرَ، أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مَعِي مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ! فَمَا الَّذِي يُصَدِّقُونِي بِهِ وَيَأْمَنُونِي عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا؟ {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الْأَعْرَافِ: 156] فَلَمْ يَزَلْ مُوسَى يُنَاشِدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحَهُمْ، وَطَلَبَ إِلَيْهِ التَّوْبَةَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، فَقَالَ: لَا؛ إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسَهُمْ [5] .
هَذَا سِيَاقُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ: لَمَّا تَابَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا كَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، أَمَرَ اللَّهُ مُوسَى أَنْ يَأْتِيَهُ فِي كُلِّ أُنَاسٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَوَعْدَهُمْ مُوسَى، فَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَى عَينه، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمْ لِيَعْتَذِرُوا. وَسَاقَ الْبَقِيَّةَ.
[وَهَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِطَابَ تَوَجَّهَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} وَالْمُرَادُ السَّبْعُونَ الْمُخْتَارُونَ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَحْكِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ سِوَاهُ، وَقَدْ أَغْرَبَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ حِينَ حَكَى فِي قِصَّةِ هَؤُلَاءِ السَّبْعِينَ: أَنَّهُمْ بَعْدَ إِحْيَائِهِمْ قَالُوا: يَا مُوسَى، إِنَّكَ لَا تَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاكَ، فَادْعُهُ أَنْ يَجْعَلَنَا أَنْبِيَاءَ، فَدَعَا بِذَلِكَ فَأَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ، وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا، إِذْ لَا يُعْرَفُ فِي زَمَانِ مُوسَى نَبِيٌّ سِوَى هَارُونَ ثُمَّ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَقَدْ غَلِطَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَيْضًا فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ رَأَوُا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ مُوسَى الْكَلِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَدْ سَأَلَ ذَلِكَ فَمُنِعَ مِنْهُ فَكَيْفَ يَنَالُهُ هَؤُلَاءِ السَّبْعُونَ؟
الْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْآيَةِ] [6] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: قَالَ لَهُمْ مُوسَى -لَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ بِالْأَلْوَاحِ، قَدْ كَتَبَ فِيهَا التَّوْرَاةَ، فَوَجَدَهُمْ يَعْبُدُونَ الْعِجْلَ، فَأَمَرَهُمْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَلْوَاحَ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ [7] أَمْرُكُمُ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهْيُكُمُ الَّذِي نَهَاكُمْ عَنْهُ. فَقَالُوا: وَمَنْ يَأْخُذُهُ بِقَوْلِكَ أَنْتَ؟ لَا والله حتى نرى الله جهرة، حتى

[1] في جـ: "دونهما".
[2] في جـ: "سجدا".
[3] في ط: "الصاعقة".
[4] زيادة من جـ، ط، أ، و.
[5] تفسير الطبري (2/77) .
[6] زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
[7] في جـ: "فيها كتاب الله الذي".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست