responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 287
أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: أَنَّهُمْ قَوْمٌ تَرَكَّبَ دِينُهُمْ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالْمَجُوسِ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ ويعتقدون تأثير النجوم، وأنهم فَاعِلَةٌ؛ وَلِهَذَا أَفْتَى أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ بِكُفْرِهِمْ لِلْقَادِرِ بِاللَّهِ حِينَ سَأَلَهُ عَنْهُمْ، وَاخْتَارَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ أَنَّ الصَّابِئِينَ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ؛ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا قِبْلَةً لِلْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ، أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ فَوَّضَ تَدْبِيرَ أَمْرِ هَذَا الْعَالَمِ إِلَيْهَا، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَنْسُوبُ إِلَى الْكِشْرَانِيِّينَ الَّذِينَ جَاءَهُمْ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَادًّا عَلَيْهِمْ وَمُبْطِلًا لِقَوْلِهِمْ.
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَمُتَابِعِيهِ، وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّهُمْ قَوْمٌ لَيْسُوا عَلَى دِينِ الْيَهُودِ وَلَا النَّصَارَى وَلَا الْمَجُوسِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ بَاقُونَ عَلَى فِطْرَتِهِمْ وَلَا دِينٌ مُقَرَّرٌ لَهُمْ يَتْبَعُونَهُ وَيَقْتَفُونَهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَنْبِزُونَ مَنْ أَسْلَمَ بِالصَّابِئِيِّ، أَيْ: أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ سَائِرِ أَدْيَانِ أَهْلِ الْأَرْضِ إِذْ ذَاكَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الصَّابِئُونَ الَّذِينَ لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ نَبِيٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64) }
يَقُولُ تَعَالَى مُذَكِّرًا بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَاتِّبَاعِ رُسُلِهِ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ رَفَعَ الْجَبَلَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ لِيُقِرُّوا بِمَا عُوهِدُوا عَلَيْهِ، وَيَأْخُذُوهُ [1] بِقُوَّةٍ وَحَزْمٍ وَهِمَّةٍ وَامْتِثَالٍ [2] كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الْأَعْرَافِ: 171] الطُّورُ هُوَ الْجَبَلُ، كَمَا فَسَّرَهُ بِآيَةِ [3] الْأَعْرَافِ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ [4] .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الطُّورُ مَا أَنْبَتَ مِنَ الْجِبَالِ، وَمَا لَمْ يُنْبِتْ فَلَيْسَ بِطُورٍ.
وَفِي حَدِيثِ الْفُتُونِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمْ لَمَّا امْتَنَعُوا عَنِ الطَّاعَةِ رَفَعَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ لِيَسْمَعُوا [فَسَجَدُوا] [5] .
وَقَالَ السُّدِّيُّ: فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَسْجُدُوا أَمَرَ اللَّهُ الْجَبَلَ أَنْ يقع عليهم، فنظروا إليه وقد غشيهم،

[1] في جـ، ط: "فأخذوه".
[2] في أ: "امتثال أمر".
[3] في جـ، ط: "فسرنا به آية".
[4] في ط: "وهذا الظاهر".
[5] زيادة من جـ.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست