responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 291
حَتَّى يُخْرِجْنَ خَرَاطِيمَهُنَّ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ لَزِمْنَ مُقَلَ الْبَحْرِ، فَلَمْ يُرَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ [1] حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ السَّبْتِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ [كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ] [2] } . فَاشْتَهَى بَعْضُهُمُ السَّمَكَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَحْفِرُ الْحَفِيرَةَ، وَيَجْعَلُ لَهَا نَهْرًا إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ فُتِحَ النَّهْرُ فَأَقْبَلَ الْمَوْجُ بِالْحِيتَانِ يَضْرِبُهَا حَتَّى يُلْقِيَهَا فِي الْحَفِيرَةِ، فَيُرِيدُ الْحُوتُ أَنْ يَخْرُجَ، فَلَا يُطِيقُ مِنْ أَجْلِ قِلَّةِ مَاءِ النَّهْرِ، فَيَمْكُثُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ جَاءَ فَأَخَذَهُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَشْوِي السَّمَكَ فَيَجِدُ جَارُهُ رِيحَهُ فَيَسْأَلُهُ فَيُخْبِرُهُ، فَيَصْنَعُ مِثْلَ مَا صَنَعَ جَارُهُ، حَتَّى فَشَا فِيهِمْ أَكْلُ السَّمَكِ، فَقَالَ لَهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ: وَيَحْكَمُ! إِنَّمَا تَصْطَادُونَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ، فَقَالُوا: إِنَّمَا صِدْنَاهُ يَوْمَ الْأَحَدِ حِينَ أَخَذْنَاهُ. فَقَالَ الْعُلَمَاءُ [3] لَا وَلَكِنَّكُمْ صِدْتُمُوهُ يَوْمَ فَتْحِكُمُ [4] الْمَاءَ فَدَخَلَ، قَالَ: وَغَلَبُوا أَنْ يَنْتَهُوا. فَقَالَ بَعْضُ [5] الَّذِينَ نَهَوْهُمْ لِبَعْضٍ: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} يَقُولُ: لِمَ تَعِظُوهُمْ، وَقَدْ وَعَظْتُمُوهُمْ فَلَمْ يُطِيعُوكُمْ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الْأَعْرَافِ: 164] فَلَمَّا أَبَوْا قَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لَا نُسَاكِنُكُمْ فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَسَمُوا الْقَرْيَةَ بِجِدَارٍ، فَفَتَحَ الْمُسْلِمُونَ بَابًا وَالْمُعْتَدُونَ فِي السَّبْتِ بَابًا، وَلَعَنَهُمْ دَاوُدُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَخْرُجُونَ مِنْ بَابِهِمْ، وَالْكُفَّارُ مِنْ بَابِهِمْ، فَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ ذَاتَ يَوْمٍ، ولم يفتح الكفار بابهم، فلما أبطأوا عَلَيْهِمْ تَسَوَّرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطَ، فَإِذَا هُمْ قِرَدَةٌ يَثِبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَفَتَحُوا عَنْهُمْ، فَذَهَبُوا فِي الْأَرْضِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الْأَعْرَافِ:166] وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الْمَائِدَةِ: 78] . فَهُمُ الْقِرَدَةُ.
قُلْتُ: وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ بَيَانُ خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُجَاهِدٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ، مِنْ أَنَّ مَسْخَهُمْ إِنَّمَا كَانَ مَعْنَوِيًّا لَا صُورِيًّا بَلِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَعْنَوِيٌّ صُورِيٌّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} قَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّمِيرُ فِي {فَجَعَلْنَاهَا} عَائِدٌ عَلَى الْقِرَدَةِ، وَقِيلَ: عَلَى الْحِيتَانِ، وَقِيلَ: عَلَى الْعُقُوبَةِ، وَقِيلَ: عَلَى الْقَرْيَةِ؛ حَكَاهَا ابْنُ جَرِيرٍ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْقَرْيَةِ، أَيْ: فَجَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْقَرْيَةَ، وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا بِسَبَبِ اعْتِدَائِهِمْ فِي سَبْتِهِمْ {نَكَالا} أَيْ: عَاقَبْنَاهُمْ عُقُوبَةً، فَجَعَلْنَاهَا [6] . عِبْرَةً، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَنْ فِرْعَوْنَ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى} [النَّازِعَاتِ: 25] .

[1] في جـ: "شيئًا" وهو خطأ.
[2] زيادة من جـ.
[3] في جـ، ط، ب، أ، و: "الفقهاء".
[4] في أ، و: "فتحتم له".
[5] في أ: "فقال بعضهم".
[6] في جـ، ط، ب، أ، و: "فجعلناهم".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست