responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 293
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ جَعَلَهَا تَعَالَى عُقُوبَةً لِجَمِيعِ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ قَبْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَمَا بَعْدَهُ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ. قُلْتُ: وَأَرْجَحُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا: مَنْ بِحَضْرَتِهَا مِنَ الْقُرَى الَّتِي يَبْلُغُهُمْ خَبَرُهَا، وَمَا حَلَّ بِهَا، كَمَا قَالَ: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الْأَحْقَافِ: 27] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} [الرَّعْدِ: 31] ، وَقَالَ {أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الْأَنْبِيَاءِ: 44] ، فَجَعَلَهُمْ عِبْرَةً وَنَكَالًا لِمَنْ فِي زَمَانِهِمْ، وَعِبْرَةً لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} بَعْدَهُمْ، فَيَتَّقُونَ نِقْمَةَ اللَّهِ، وَيَحْذَرُونَهَا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ، وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} قَالَ: أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلْتُ: الْمُرَادُ بِالْمَوْعِظَةِ هَاهُنَا الزَّاجِرُ، أَيْ: جَعَلْنَا مَا أَحْلَلْنَا بِهَؤُلَاءِ مِنَ الْبَأْسِ وَالنَّكَالِ فِي مُقَابَلَةِ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَمَا تَحَيَّلُوا بِهِ مِنَ الْحِيَلِ، فَلْيَحْذَرِ الْمُتَّقُونَ صَنِيعَهُمْ لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو [عَنْ أَبِي سَلَمَةَ] [1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَ [2] الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ" [3] .
وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ هَذَا وَثَّقَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ، وَبَاقِي رِجَالِهِ مَشْهُورُونَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) }
يَقُولُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا -يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ-نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ فِي خَرْقِ الْعَادَةِ لَكُمْ فِي شَأْنِ الْبَقَرَةِ، وَبَيَانِ الْقَاتِلِ مَنْ هُوَ بِسَبَبِهَا وَإِحْيَاءِ اللَّهِ الْمَقْتُولَ، وَنَصِّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ. [مَسْأَلَةُ الْإِبِلِ تُنْحَرُ وَالْغَنَمِ تُذْبَحُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَقَرِ فَقِيلَ: تُذْبَحُ، وَقِيلَ: تُنْحَرُ، وَالذَّبْحُ أَوْلَى لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَلِقُرْبِ مَنْحَرِهَا مِنْ مَذْبَحِهَا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا صَحِيحًا بَيْنَ مَا يُنْحَرُ أَوْ نَحْرِ مَا يُذْبَحُ، غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ ذَلِكَ. وَقَدْ يَكْرَهُ الْإِنْسَانُ مَا لَا يُحَرَّمُ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَعْلَمُ أَنَّ نُزُولَ قِصَّةِ الْبَقَرَةِ عَلَى مُوسَى،

[1] زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
[2] في جـ، ط، ب، أ، و: "ما ارتكبت".
[3] جزء الخلع وإبطال الحيل لابن بطة (ص24) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست