responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 359
أَحْكَامِهِمْ، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنِّي أَعْطَيْتُ بَنِي آدَمَ عَشْرًا مِنَ الشَّهَوَاتِ، فَبِهَا [1] يَعْصُونَنِي. قَالَ هَارُوتُ وَمَارُوتُ: رَبَّنَا، لَوْ أَعْطَيْتَنَا تِلْكَ الشَّهَوَاتِ ثُمَّ نَزَلْنَا لَحَكَمْنَا بِالْعَدْلِ. فَقَالَ لَهُمَا: انْزِلَا فَقَدْ أَعْطَيْتُكُمَا تِلْكَ الشَّهَوَاتِ الْعَشْرَ، فَاحْكُمَا بَيْنَ النَّاسِ. فَنَزَلَا بِبَابِلَ دَنْباوَند، فَكَانَا يَحْكُمَانِ، حَتَّى إِذَا أَمْسَيَا عَرَجَا، فَإِذَا أَصْبَحَا هَبَطَا، فَلَمْ يَزَالَا كَذَلِكَ حَتَّى أَتَتْهُمَا امْرَأَةٌ تُخَاصِمُ زَوْجَهَا، فَأَعْجَبَهُمَا [2] حُسْنُهَا -وَاسْمُهَا بِالْعَرَبِيَّةِ "الزّهَرة"، وَبِالنَّبَطِيَّةِ "بِيذُخْتُ" وَبِالْفَارِسِيَّةِ "أَنَاهِيدُ"-فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِنَّهَا لَتُعْجِبُنِي. قَالَ الْآخَرُ: قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَذْكُرَ لَكَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْكَ. فَقَالَ الْآخَرُ: هَلْ لَكَ أَنْ أَذْكُرَهَا لَنَفْسِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِنْ كَيْفَ لَنَا بِعَذَابِ اللَّهِ؟ قَالَ الْآخَرُ: إِنَّا لَنَرْجُو رَحْمَةَ اللَّهِ. فَلَمَّا جَاءَتْ تُخَاصِمُ زَوْجَهَا ذَكَرَا إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا حَتَّى تَقْضِيَا لِي عَلَى زَوْجِي. فَقَضَيَا لَهَا عَلَى زَوْجِهَا، ثُمَّ وَاعَدَتْهُمَا خَربة مِنَ الخَرِب يَأْتِيَانِهَا فِيهَا، فَأَتَيَاهَا لِذَلِكَ. فَلَمَّا أَرَادَ الذِي يُوَاقِعُهَا قَالَتْ: مَا أَنَا بِالذِي أَفْعَلُ حَتَّى تُخْبِرَانِي بِأَيِّ كَلَامٍ تَصْعَدَانِ إِلَى السَّمَاءِ، وَبِأَيِّ كَلَامٍ تَنْزِلَانِ مِنْهَا؟ فَأَخْبَرَاهَا، فَتَكَلَّمَتْ فَصَعِدَتْ، فَأَنْسَاهَا اللَّهُ مَا تَنْزِلُ بِهِ، فَبَقِيَتْ [3] مَكَانَهَا، وَجَعَلَهَا [4] اللَّهُ كَوْكَبًا. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كُلَّمَا رَآهَا لَعَنَهَا، فَقَالَ: هَذِهِ التِي فَتَنَتْ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَرَادَا أَنْ يَصْعَدَا فَلَمْ يُطِيقَا، فَعَرَفَا الْهَلَكَةَ فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ. فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا، فَعُلِّقَا بِبَابِلَ، وَجَعَلَا يُكَلِّمَانِ النَّاسَ كَلَامَهُمَا وَهُوَ السِّحْرُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح [5] عَنْ مُجَاهِدٍ: أَمَّا شَأْنُ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ عَجِبَتْ مِنْ ظُلْمِ بَنِي آدَمَ، وَقَدْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ وَالْكُتُبُ وَالْبَيِّنَاتُ، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تَعَالَى: اخْتَارُوا مِنْكُمْ مَلَكَيْنِ أُنْزِلَهُمَا يَحْكُمَانِ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ فَاخْتَارُوا فَلَمْ يَأْلُوا [إِلَّا] [6] هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَقَالَ لَهُمَا حِينَ أَنْزَلَهُمَا: أَعَجِبْتُمَا [7] مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُلْمِهِمْ وَمِنْ مَعْصِيَتِهِمْ، وَإِنَّمَا تَأْتِيهِمُ الرُّسُلُ وَالْكُتُبُ [وَالْبَيِّنَاتُ] [8] مِنْ وَرَاء وَرَاء، وَأَنْتُمَا لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمَا رَسُولٌ، فَافْعَلَا كَذَا وَكَذَا، وَدَعَا كَذَا وَكَذَا، فَأَمَرَهُمَا بِأَمْرٍ وَنَهَاهُمَا، ثُمَّ نَزَلَا عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ أَحَدٌ أَطْوَعَ لِلَّهِ مِنْهُمَا، فَحَكَمَا فَعَدَلَا. فَكَانَا يَحْكُمَانِ فِي النَّهَارِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ، فَإِذَا أَمْسَيَا عَرَجَا فَكَانَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ، وَيَنْزِلَانِ حِينَ يُصْبِحَانِ فَيَحْكُمَانِ فَيَعْدِلَانِ، حَتَّى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمَا الزُّهَرَةُ فِي أَحْسَنِ صُورَةِ امْرَأَةٍ تُخَاصم، فَقَضَيَا عَلَيْهَا. فَلَمَّا قَامَتْ وَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: وجدتَ مِثْلَ الذِي وجدتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَبَعَثَا إِلَيْهَا أَنِ ائْتِيَانَا نَقْضِ لَكِ. فَلَمَّا رَجَعَتْ قَالَا وَقَضَيَا لَهَا، فَأَتَتْهُمَا فَتَكَشَّفَا لَهَا عَنْ عَوْرَتَيْهِمَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ شَهْوَتُهُمَا [9] فِي أَنْفُسِهِمَا، وَلَمْ يَكُونَا كَبَنِي آدَمَ فِي شَهْوَةِ النِّسَاءِ وَلَذَّتِهَا. فَلَمَّا بَلَغَا ذَلِكَ وَاسْتَحَلَّا افتُتنا، فَطَارَتِ الزُّهَرَةُ فَرَجَعَتْ حَيْثُ كَانَتْ. فَلَمَّا أَمْسَيَا عَرَجا فزُجرا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا، وَلَمْ تَحْمِلْهُمَا أَجْنِحَتُهُمَا. فَاسْتَغَاثَا بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي آدم

[1] في ط، ب: "فما".
[2] في جـ، ط، ب، أ، و: "فأعجبهما من ".
[3] في ب، أ، و: "فثبتت".
[4] في أ: "وخلقها".
[5] في ط: "جريج".
[6] زيادة من جـ.
[7] في جـ، ط، ب: "أعجبتم".
[8] زيادة من جـ.
[9] في أ، و: "سوآتهما".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست