responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 370
النَّارِ ([1]) ". وَقَوْلُهُ: "حَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عَلَيّ فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبُ عَلَيَّ يَلِجُ النَّارَ" [2] .
ثُمَّ ذكر ههنا حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الرُّهْبَانِ، وَهُوَ أَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَ طَائِرٍ حَزِينِ [3] الصَّوْتِ ضَعِيفِ الْحَرَكَةِ، فَإِذَا سَمِعَتْهُ الطُّيُورُ تَرِقّ لَهُ فَتَذْهَبُ فَتُلْقِي فِي وَكْره مِنْ ثَمَرِ الزَّيْتُونِ، لِيَتَبَلَّغَ [4] بِهِ، فعَمَد هَذَا الراهبُ إِلَى صَنْعَةِ طَائِرٍ عَلَى شَكْلِهِ، وَتَوَصَّلَ إِلَى أَنْ جَعَلَهُ أَجْوَفَ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ الرِّيحُ يُسْمَعُ لَهُ [5] صَوْتٌ كَصَوْتِ ذَلِكَ الطَّائِرِ، وَانْقَطَعَ فِي صَوْمَعَةٍ ابْتَنَاهَا، وَزَعَمَ أَنَّهَا عَلَى قَبْرِ بَعْضِ صَالِحِيهِمْ، وَعَلَّقَ ذَلِكَ الطَّائِرَ فِي مَكَانٍ مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ زَمَانُ الزَّيْتُونِ فَتَحَ بَابًا مِنْ نَاحِيَةٍ، فَتَدْخُلُ الرِّيحُ إِلَى دَاخِلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، فَيُسْمَعُ صَوْتُهَا كَذَلِكَ الطَّائِرُ فِي شَكْلِهِ أَيْضًا، فَتَأْتِي الطُّيُورُ فَتَحْمِلُ مِنَ الزَّيْتُونِ شَيْئًا كَثِيرًا فَلَا تَرَى النَّصَارَى إِلَّا ذَلِكَ الزَّيْتُونَ فِي هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ، وَلَا يَدْرُونَ مَا سَبَبُهُ؟ فَفَتَنَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَوْهَمَ [6] أَنَّ هَذَا مِنْ كَرَامَاتِ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ [7] إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الرَّازِيُّ: النَّوْعُ السَّادِسُ مِنَ السِّحْرِ: الِاسْتِعَانَةُ بِخَوَاصِّ الْأَدْوِيَةِ يَعْنِي فِي الْأَطْعِمَةِ وَالدِّهَانَاتِ [8] . قَالَ: وَاعْلَمْ أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى إِنْكَارِ الْخَوَاصِّ، فَإِنَّ أَثَرَ الْمِغْنَاطِيسِ مُشَاهَدٌ.
قُلْتُ: يَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَبِيلِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَدّعي الْفَقْرَ وَيَتَخَيَّلُ عَلَى جَهَلَةِ النَّاسِ بِهَذِهِ الْخَوَاصِّ، مُدَّعِيًا أَنَّهَا أَحْوَالٌ لَهُ [9] مِنْ مُخَالَطَةِ النِّيرَانِ وَمَسْكِ الْحَيَّاتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَالَاتِ.
قَالَ: النَّوْعُ السَّابِعُ مِنَ السِّحْرِ: تَعْلِيقُ [10] الْقَلْبِ، وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الساحرُ أَنَّهُ عَرَفَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، وَأَنَّ الْجِنَّ يُطِيعُونَهُ وَيَنْقَادُونَ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأُمُورِ، فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّامِعُ لِذَلِكَ ضَعِيفَ الْعَقْلِ [11] قَلِيلَ التَّمْيِيزِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ حَقٌّ، وَتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِذَلِكَ وَحَصَلَ فِي نَفْسِهِ نَوْعٌ مِنَ الرَّهَبِ وَالْمَخَافَةِ، فَإِذَا حَصَلَ الْخَوْفُ ضَعُفَتِ الْقُوَى الْحَسَّاسَةُ [12] فَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ السَّاحِرُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ.
قُلْتُ: هَذَا النَّمَطُ يُقَالُ لَهُ التَّنْبَلَةُ، وَإِنَّمَا يَرُوجُ عَلَى الضُّعَفَاءِ الْعُقُولِ مِنْ بَنِي آدَمَ. وَفِي عِلْمِ الْفِرَاسَةِ مَا يُرْشِدُ إِلَى مَعْرِفَةِ كَامِلِ الْعَقْلِ مِنْ نَاقِصِهِ، فَإِذَا كَانَ المُتَنْبِلُ حَاذِقًا فِي عِلْمِ الْفِرَاسَةِ عَرَفَ مَنْ يَنْقَادُ لَهُ مِنَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِهِ.
قَالَ: النَّوْعُ الثَّامِنُ مِنَ السِّحْرِ: السَّعْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالتَّضْرِيبِ [13] مِنْ وُجُوهٍ خفيفة لطيفة، وذلك شائع في الناس.

[1] هذا الحديث رواه جمع مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عدهم الإمام الطبراني في جزء له فأوصلهم فوق الستين، وانظره في: صحيح البخاري برقم (107) من حديث الزبير رضي الله عنه، وفي مقدمة صحيح مسلم برقم (2-4) من حديث أنس وأبي هريرة والمغيرة رضي الله عنهم".
[2] رواه مسلم في مقدمة صحيحه برقم (1) من حديث علي رضي الله عنه.
[3] في أ، وك: "حنين".
[4] في جـ، أ: "ليبتلع".
[5] في جـ، ط، ب، أ، و: "يسمع منه".
[6] في جـ: "وأوهمهم".
[7] في جـ، ط، ب: "التابعة"، وفي أ: "البالغة".
[8] في جـ: "في الأطعمة والدهان".
[9] في جـ: "أنها أحواله".
[10] في جـ: "تعلق".
[11] في ب، أ، و: "القلب".
[12] في جـ: "القوى الحسية".
[13] في ب: "التضرب".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست