responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 398
الطَّاعَةُ".
وَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ لَهِيعة، عَنْ دَرّاج بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ [1] .
وَلَكِنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ ضَعِيفٌ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَرَفْعُ هَذَا الْحَدِيثِ مُنْكَرٌ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ كَلَامِ الصَّحَابِيِّ أَوْ مَنْ دَوَّنَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَثِيرًا مَا يَأْتِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ تَفَاسِيرُ فِيهَا نَكَارَة، فَلَا يُغْتَرُّ بِهَا، فَإِنَّ السَّنَدَ ضَعِيفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أَيْ: خَالِقُهُمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: وَهُوَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْمُحْدَثِ: بِدْعَةٌ. كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ لِمُسْلِمٍ: "فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ [وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ] ([2]) " [3] . وَالْبِدْعَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: تَارَةً تَكُونُ بِدْعَةً شَرْعِيَّةً، كَقَوْلِهِ: فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. وَتَارَةً تَكُونُ بِدْعَةً لُغَوِيَّةً، كَقَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ جَمْعِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَاسْتِمْرَارِهِمْ: نعْمَتْ البدعةُ هَذِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَبَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: مُبْدِعُهُمَا. وَإِنَّمَا هُوَ مُفْعِل فَصُرِفَ إِلَى فَعيل، كَمَا صُرِفَ الْمُؤْلِمُ إِلَى الْأَلِيمِ، وَالْمُسْمِعُ إِلَى السَّمِيعِ. وَمَعْنَى الْمُبْدِعِ: الْمُنْشِئُ وَالْمُحْدِثُ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى إِنْشَاءِ [4] مِثْلِهِ وَإِحْدَاثِهِ أَحَدٌ.
قَالَ: وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمُبْتَدِعُ فِي الدِّينِ مُبْتَدِعًا؛ لِإِحْدَاثِهِ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ [5] إِلَيْهِ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مُحْدِثٍ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ مُبْتَدِعًا. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَعْشَى [6] ثَعْلَبَةَ، فِي مَدْحِ هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الحَنفِي:
يُرعى إِلَى قَوْل سَادَاتِ الرِّجَالِ إِذَا ... أبدَوْا لَهُ الحزْمَ أَوْ مَا شَاءَهُ ابتدَعا (7)
أَيْ: يُحْدِثُ مَا شَاءَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَنَّى يَكُونُ لِلَّهِ وَلَدٌ، وَهُوَ مَالِكٌ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، تَشْهَدُ لَهُ جَمِيعُهَا بِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ بالوَحْدانيّة، وَتُقِرُّ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَهُوَ بَارِئُهَا وَخَالِقُهَا وَمُوجِدُهَا مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ وَلَا مِثَالٍ احْتَذَاهَا عَلَيْهِ. وَهَذَا إِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ عِبَادَهُ أَنَّ مِمَّنْ يَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ الْمَسِيحُ، الذِي أَضَافُوا إِلَى اللَّهِ بُنُوَّته، وَإِخْبَارٌ مِنْهُ لَهُمْ أَنَّ الذِي ابْتَدَعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ وَعَلَى غَيْرِ مِثَالٍ، هُوَ الذِي ابْتَدَعَ الْمَسِيحَ عِيسَى مِنْ غَيْرِ وَالدٍ بقدرته.

[1] تفسير ابن أبي حاتم (1/348) والمسند (3/75) .
[2] زيادة من ط.
[3] في صحيح مسلم برقم (867) من حديث جابر رضي الله عنه بلفظ: "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة".
[4] في أ: "إلى أشباه".
[5] في أ: "ما لم يسبقه".
[6] في و: "بن".
(7) البيت في تفسير الطبري (2/540) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست