responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 442
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِيَانِ بِذَلِكَ، وَاجْعَلْنَا مُسْتَسْلِمِينَ [1] لِأَمْرِكَ، خَاضِعِينَ لِطَاعَتِكَ، لَا نُشْرِكُ مَعَكَ فِي الطَّاعَةِ أَحَدًا سِوَاكَ، وَلَا فِي الْعِبَادَةِ غَيْرَكَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيَّانَ الحِصْني الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ: {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} قَالَ: مُخْلِصَيْنِ لَكَ، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} قَالَ: مُخْلِصَةً.
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ} قَالَ: كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَكِنَّهُمَا سَأَلَاهُ الثَّبَاتَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} قَالَ اللَّهُ: قَدْ فَعَلْتُ. {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} قَالَ اللَّهُ: قَدْ فَعَلْتُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} يَعْنِيَانِ الْعَرَبَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يعمُّ الْعَرَبَ وَغَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الْأَعْرَافِ: 159]
قُلْتُ: وَهَذَا الذِي قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ لَا يَنْفِيهِ السُّدِّيُّ؛ فَإِنَّ تَخْصِيصَهُمْ بِذَلِكَ لَا يَنْفِي مَنْ عَدَاهُمْ، وَالسِّيَاقُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَرَبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ بُعِثَ فِيهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ} [الْجُمُعَةِ: [2]] وَمَعَ هَذَا لَا يَنْفِي رِسَالَتَهُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الْأَعْرَافِ: 158] ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ.
وَهَذَا الدُّعَاءُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ الْمُؤْمِنِينَ، فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الْفُرْقَانِ: 74] . وَهَذَا الْقَدْرُ مَرْغُوبٌ فِيهِ شَرْعًا، فَإِنَّ مِنْ تَمَامِ مَحَبَّةِ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ صُلْبِهِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} قَالَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصْنَامَ} [إِبْرَاهِيمَ: 35] . وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يدعو له" (2)

[1] في جـ، أ: "واجعلنا مسلمين".
[2] صحيح مسلم برقم (1631) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 442
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست