responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 445
وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَأَبُو مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: الْفَهْمُ فِي الدِّينِ. وَلَا مُنَافَاةَ.
{وَيُزَكِّيهِمْ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي طَاعَةَ اللَّهِ، وَالْإِخْلَاصَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} قَالَ: يُعَلِّمُهُمُ الْخَيْرَ فَيَفْعَلُوهُ، وَالشَّرَّ فَيَتَّقُوهُ، وَيُخْبِرُهُمْ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ إِذَا أَطَاعُوهُ وَاسْتَكْثَرُوا مِنْ طَاعَتِهِ، وَتَجَنَّبُوا مَا سَخِطَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أَيِ: الْعَزِيزُ الذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، فَيَضَعُ الْأَشْيَاءَ فِي مَحَالِّهَا؛ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ.
{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) }
يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَدًّا عَلَى الْكُفَّارِ فِيمَا ابْتَدَعُوهُ وَأَحْدَثُوهُ مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ، الْمُخَالِفِ لِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، إِمَامِ الْحُنَفَاءِ، فَإِنَّهُ جَرد تَوْحِيدَ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَلَمْ يَدْع مَعَهُ غَيْرَهُ، وَلَا أَشْرَكَ بِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَائِرَ قَوْمِهِ، حَتَّى تَبَرَّأَ مِنْ أَبِيهِ، فَقَالَ: {يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ* إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الْأَنْعَامِ: 78، 79] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزُّخْرُفِ: 26، 27] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إيَّاهُ فَلَمَا تَبَيَّنَ لَهُ أنَّه عَدُوٌ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إنَّ إبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التَّوْبَةِ: 114] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شَاكِرًا لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النَّحْلِ: 120 -122] ، وَلِهَذَا وَأَمْثَالِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} أَيْ: عَنْ طَرِيقَتِهِ وَمَنْهَجِهِ. فَيُخَالِفُهَا وَيَرْغَبُ عَنْهَا {إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} أَيْ: ظَلَمَ نَفْسَهُ بِسَفَهِهِ وَسُوءِ تَدْبِيرِهِ بِتَرْكِهِ الْحَقَّ إِلَى الضَّلَالِ، حَيْثُ خَالَفَ طَرِيقَ مَنِ اصْطُفِيَ فِي الدُّنْيَا لِلَّهِدَايَةِ وَالرَّشَادِ، مِنْ حَداثة سِنِّهِ [1] إِلَى أَنِ اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الصَالِحِينَ السُّعَدَاءِ -فَتَرَكَ طَرِيقَهُ هَذَا وَمَسْلَكَهُ وَمِلَّتَهُ وَاتَّبَعَ طُرُقَ الضَّلَالَةِ وَالْغَيِّ، فَأَيُّ سَفَهٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ أَمْ أَيُّ ظُلْمٍ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَقَتَادَةُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْيَهُودِ؛ أَحْدَثُوا طَرِيقًا لَيْسَتْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَخَالَفُوا ملَّة إِبْرَاهِيمَ فِيمَا أَخَذُوهُ [2] ، وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آلِ عمران: 67، 68] .

[1] في أ: "من حداثة بنيته".
[2] في جـ، ط، أ، و: "فيما أحدثوه".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 445
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست