responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 467
فَقَالَ: مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا، وَأَيُّ شَيْءٍ نَبْغِي، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِمْ بِمِثْلِ هَذَا، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَا يُتْرَكُون مِنْ أَنْ يَسْأَلُوا، قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّنَا إِلَى الدَّارِ الدُّنْيَا، فَنُقَاتِلَ فِي سَبِيلِكَ، حَتَّى نُقْتَلَ فِيكَ مَرَّةً أُخْرَى؛ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ -فَيَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ: إِنِّي كتبتُ أنَّهم إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ" [1] .
وَفِي الْحَدِيثِ الذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ تَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ" [2] .
فَفِيهِ دَلَالَةٌ لِعُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الشُّهَدَاءُ قَدْ خصِّصُوا [3] بِالذِّكْرِ فِي الْقُرْآنِ، تَشْرِيفًا لَهُمْ وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا [4] .
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) }
أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يَبْتَلِي عِبَادَهُ [الْمُؤْمِنِينَ] [5] أَيْ: يَخْتَبِرُهُمْ وَيَمْتَحِنُهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [مُحَمَّدٍ: 31] فَتَارَةً بِالسَّرَّاءِ، وَتَارَةً بِالضَّرَّاءِ مِنْ خَوْفٍ وَجُوعٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النَّحْلِ: 112] فَإِنَّ الْجَائِعَ وَالْخَائِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: لِبَاسُ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ. وَقَالَ هَاهُنَا {بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} أَيْ: بِقَلِيلٍ مِنْ ذَلِكَ {وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ} أَيْ: ذَهَابُ بَعْضِهَا {وَالأنْفُسِ} كَمَوْتِ الْأَصْحَابِ وَالْأَقَارِبِ وَالْأَحْبَابِ {وَالثَّمَرَاتِ} أَيْ: لَا تُغِلّ الْحَدَائِقُ وَالْمَزَارِعُ كَعَادَتِهَا. كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: فَكَانَتْ بَعْضُ النَّخِيلِ لَا تُثْمِرُ غَيْرَ وَاحِدَةٍ. وَكُلُّ هَذَا وَأَمْثَالُهُ مِمَّا يَخْتَبِرُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، فَمَنْ صَبَرَ أَثَابَهُ [اللَّهُ] [6] وَمَنْ قَنَطَ أَحَلَّ [اللَّهُ] [7] بِهِ عِقَابَهُ. وَلِهَذَا قَالَ: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}
وَقَدْ حَكَى بعضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْخَوْفِ [8] هَاهُنَا: خَوْفُ اللَّهِ، وَبِالْجُوعِ: صِيَامُ رَمَضَانَ، وَنَقْصِ [9] الْأَمْوَالِ: الزَّكَاةُ، وَالْأَنْفُسِ: الْأَمْرَاضُ، وَالثَّمَرَاتِ: الْأَوْلَادُ.
وَفِي هَذَا نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ بيَنَّ تَعَالَى مَنِ الصَّابِرُونَ [10] الَّذِينَ شَكَرَهُمْ، قَالَ: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أَيْ: تسلَّوا بِقَوْلِهِمْ هَذَا عَمَّا أَصَابَهُمْ، وَعَلِمُوا أنَّهم ملك لله يتصرف في عبيده

[1] صحيح مسلم برقم (1887) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ولفظه مختلف لكن معناه واحد.
[2] المسند (3/455) .
[3] في جـ: "قد خصوا".
[4] في جـ: "تعظيما وتكريما".
[5] زيادة من جـ.
[6] زيادة من جـ.
[7] زيادة من جـ.
[8] في جـ: "أن المراد بالخوف".
[9] في جـ: "وبنقص".
[10] في جـ:"الصابرين".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 467
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست