responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 475
أَيْ: فِي تَسْخِيرِ الْبَحْرِ لِحَمْلِ السُّفُنِ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ لِمَعَاشِ النَّاسِ، وَالِانْتِفَاعِ بِمَا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ، وَنَقْلِ هَذَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَا عِنْدَ أُولَئِكَ إِلَى هَؤُلَاءِ [1] {وَمَا أَنزلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ * سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 33-36] {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} أَيْ: عَلَى اخْتِلَافِ أَشْكَالِهَا وَأَلْوَانِهَا وَمَنَافِعِهَا وَصِغَرِهَا وَكِبَرِهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَرْزُقُهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هُودٍ: [6]] {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} أَيْ: تَارَةً تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَارَةً تَأْتِي بِالْعَذَابِ، تَارَةً [2] تَأْتِي مُبَشِّرَةً [3] بَيْنَ يَدَيِ السَّحَابِ، وَتَارَةً تَسُوقُهُ، وَتَارَةً تُجَمِّعُهُ، وَتَارَةً تُفَرِّقُهُ، وَتَارَةً تُصَرِّفُهُ، [ثُمَّ تَارَةً تَأْتِي مِنَ الْجَنُوبِ وَهِيَ الشَّامِيَّةُ، وَتَارَةً تَأْتِي مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَتَارَةً صَبَا، وَهِيَ الشَّرْقِيَّةُ التِي تَصْدِمُ وَجْهَ الْكَعْبَةِ، وَتَارَةً دَبُورٌ وَهِيَ غَرْبِيَّةٌ تَفِدُ مِنْ نَاحِيَةِ دُبُرِ الْكَعْبَةِ وَالرِّيَاحُ تُسَمَّى كُلَّهَا بِحَسْبَ مُرُورِهَا عَلَى الْكَعْبَةِ. وَقَدْ صَنَّفَ النَّاسُ فِي الرِّيَاحِ وَالْمَطَرِ وَالْأَنْوَاءِ كُتُبًا كَثِيرَةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِلُغَاتِهَا وَأَحْكَامِهَا، وَبَسْطُ ذَلِكَ يَطُولُ هَاهُنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ] [4] . {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [أَيْ: سَائِرٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ] [5] يُسَخَّر إِلَى مَا يَشَاءُ اللَّهُ [6] مِنَ الْأَرَاضِي وَالْأَمَاكِنِ، كَمَا يُصَرِّفُهُ تَعَالَى: {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أَيْ: فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ دَلَالَاتٌ بَيِّنَةٌ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آلِ عِمْرَانَ: 190، 191] . وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُويه: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الدَّشْتَكِيّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَتْ قُرَيْشٌ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ تَدْعُوَ رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا، فَنَشْتَرِيَ بِهِ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ، فَنُؤْمِنَ بِكَ وَنُقَاتِلَ مَعَكَ. قَالَ: "أَوْثِقُوا [7] لِي لئِنْ دعوتُ رَبِّي فجعلَ لَكُمُ الصَّفَا ذَهَبًا لتُؤْمنُنّ بِي" فَأَوْثَقُوا لَهُ، فَدَعَا رَبَّهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ قَدْ أَعْطَاهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِكَ عَذَّبَهُمْ عَذَابًا لَمْ يُعَذِّبْهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَبِّ لَا بَلْ دَعْنِي وَقَوْمِي فَلَأَدْعُهُمْ يَوْمًا بِيَوْمٍ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} الآية.

[1] في جـ: "أولئك لهؤلاء".
[2] في جـ: "وتارة".
[3] في أ: "مسيرة".
[4] زيادة من جـ، ط، أ.
[5] زيادة من جـ، أ، و.
[6] في جـ: "مسخرا إلى ما شاء الله" وفي ط: "مسخر إلى ما يشاء الله".
[7] في أ: "أوقفوا".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 475
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست