responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 530
التَّهْلُكَةُ: عَذَابُ اللَّهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ جَمِيعًا: حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ القُرَظي: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قَالَ: كَانَ الْقَوْمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَتَزَوَّدُ الرَّجُلُ. فَكَانَ أَفْضَلَ زَادًا مِنَ الْآخَرِ، أَنْفَقَ الْبَائِسُ [1] مِنْ زَادِهِ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ زَادِهِ شَيْءٌ، أَحَبَّ أَنْ يُوَاسِيَ صَاحِبَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [2] .
وقال [3] ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ [4] عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِ الله: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وَذَلِكَ أَنَّ رِجَالًا كَانُوا يَخْرُجُونَ فِي بُعُوثٍ يَبْعَثُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِغَيْرِ نَفَقَةٍ، فَإِمَّا يُقْطَعُ بِهِمْ، وَإِمَّا كَانُوا عِيَالًا فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ، وَلَا يُلْقُوا بِأَيْدِيهِمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَالتَّهْلُكَةُ أَنْ يَهْلَكَ رِجَالٌ مِنَ الْجُوعِ أَوِ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْمَشْيِ. وَقَالَ لِمَنْ بِيَدِهِ فَضْلٌ: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
وَمَضْمُونُ الْآيَةِ: الأمرُ بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ القُرُبات وَوُجُوهِ الطَّاعَاتِ، وَخَاصَّةً [5] صرفَ الْأَمْوَالِ فِي قِتَالِ الْأَعْدَاءِ وبذلهَا فِيمَا يَقْوَى بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَالْإِخْبَارُ عَنْ تَرْكِ فِعْلِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ هَلَاكٌ وَدَمَارٌ إِنْ [6] لَزِمَهُ وَاعْتَادَهُ. ثُمَّ عَطَفَ بِالْأَمْرِ بِالْإِحْسَانِ، وَهُوَ أَعْلَى مَقَامَاتِ الطَّاعَةِ، فَقَالَ: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) }
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَحْكَامَ الصِّيَامِ وعَطَفَ بِذِكْرِ الجِهَاد، شرَعَ فِي بَيَانِ الْمَنَاسِكِ، فأمرَ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ والعُمْرة، وَظَاهِرُ السِّيَاقِ إِكْمَالُ أَفْعَالِهِمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا [7] ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} أَيْ: صُدِدْتم عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ وَمُنِعْتُمْ مِنْ إِتْمَامِهِمَا. وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مُلْزِمٌ، سَوَاءٌ قِيلَ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ أَوْ بِاسْتِحْبَابِهَا، كَمَا هُمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ. وقد ذكرناهما

[1] في جـ، ط، و: "أنفقوا الباقين".
[2] تفسير الطبري (3/584) .
[3] في جـ، ط، أ: "وبه قال".
[4] في أ: "بن عباس".
[5] في جـ: "وحاصله".
[6] في جـ: "كمن"، وفي ط، أ: "لمن".
[7] في ط: "فيها".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 530
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست