responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 653
وَأَمَّا إِنْ رُوِيَ عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَوَاتَرْ، فَلَا يَثْبُتُ بِمِثْلِ خَبَرِ الْوَاحِدِ قُرْآنٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُثْبِتْهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ، وَلَا قَرَأَ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ تَثْبُتُ الْحُجَّةُ بِقِرَاءَتِهِمْ، لَا مِنَ السَّبْعَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ. ثُمَّ قَدْ رُوِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ هَذِهِ التِّلَاوَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ مُسْلِمٌ: حدثنا إسحاق بن رَاهْوَيْهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: نَزَلَتْ: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ([1]) " فَقَرَأْنَاهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} فَقَالَ لَهُ زَاهِرٌ -رَجُلٌ كَانَ مَعَ شَقِيقٍ -: أَفَهِيَ الْعَصْرُ؟ قَالَ: قَدْ حَدَّثْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ، وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ مُسْلِمٌ: وَرَوَاهُ الْأَشْجَعِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ شَقِيقٍ [2] .
قُلْتُ: وَشَقِيقٌ هَذَا لَمْ يَرْوِ لَهُ مُسْلِمٌ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَعَلَى هَذَا تَكُونُ هَذِهِ التِّلَاوَةُ، وَهِيَ تِلَاوَةُ الْجَادَّةِ، نَاسِخَةً لِلَفْظِ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَلِمَعْنَاهَا، إِنْ كَانَتِ الْوَاوُ دَالَّةً عَلَى الْمُغَايَرَةِ، وَإِلَّا فَلِلَفْظِهَا فَقَطْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ: إِنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الجُمَاهر [3] عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَاةُ الْوُسْطَى: الْمَغْرِبُ. وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ. وَوَجَّهَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا: وُسْطَى فِي الْعَدَدِ بَيْنَ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّنَائِيَّةِ، وَبِأَنَّهَا وِتْرُ الْمَفْرُوضَاتِ، وَبِمَا جَاءَ فِيهَا مِنَ الْفَضِيلَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ: إِنَّهَا الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ، اخْتَارَهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاحِدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الْمَشْهُورِ: وَقِيلَ: هِيَ وَاحِدَةٌ مِنَ الْخَمْسِ، لَا بِعَيْنِهَا، وَأُبْهِمَتْ فِيهِنَّ، كَمَا أُبْهِمَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْحَوْلِ أَوِ الشَّهْرِ أَوِ الْعَشْرِ. وَيُحْكَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خيثم، وَنُقِلَ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ فِي نِهَايَتِهِ.
وَقِيلَ: بَلِ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى مَجْمُوعُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي صِحَّتِهِ أَيْضًا نَظَرٌ وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمري، إِمَامُ مَا وَرَاءَ الْبَحْرِ، وَإِنَّهَا لِإِحْدَى الْكُبَرِ، إِذِ اخْتَارَهُ -مَعَ اطِّلَاعِهِ وَحِفْظِهِ -مَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا أَثَرٍ. وَقِيلَ: إِنَّهَا صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: بَلْ هِيَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ. وَقِيلَ: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ. وَقِيلَ: صَلَاةُ الْخَوْفِ. وَقِيلَ: بَلْ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ. وَقِيلَ: بَلْ صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى. وَقِيلَ: الْوِتْرُ. وَقِيلَ: الضُّحَى. وَتَوَقَّفَ فِيهَا آخَرُونَ لَمَّا تَعَارَضَتْ عِنْدَهُمُ الْأَدِلَّةُ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَجْهُ التَّرْجِيحِ. وَلَمْ يَقَعِ الْإِجْمَاعُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، بَلْ لَمْ يَزَلِ التَّنَازُعُ [4] فِيهَا موجودا من زمن الصحابة وإلى الآن.

[1] في جـ، أ: "والصلاة الوسطى صلاة العصر".
[2] صحيح مسلم برقم (63) .
[3] في أ: "عن أبي الجماهير".
[4] في أ، و: "النزاع".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 653
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست