responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 728
الْمُسْتَعَانُ.
وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} رَوَى ابنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا ائْتَمَنَ بَعْضُكُمْ [1] بَعْضًا فَلَا بَأْسَ أَلَّا تَكْتُبُوا أَوْ لَا تُشهدوا.
وَقَوْلُهُ: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّه} يُعْنَى: المؤتَمن، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ، مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ" [2] .
وَقَوْلُهُ: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة} أَيْ: لَا تُخْفُوهَا وَتَغُلُّوهَا وَلَا تُظْهِرُوهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: شَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَكِتْمَانُهَا كَذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي: فَاجْرٌ قَلْبُهُ، وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ} [الْمَائِدَةِ: 106] ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النِّسَاءِ: 135] ، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}
{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) }
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ لَهُ مُلْكَ السموات وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ، وَأَنَّهُ الْمُطَّلِعُ عَلَى مَا فِيهِنَّ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الظَّوَاهِرُ وَلَا السَّرَائِرُ وَالضَّمَائِرُ، وَإِنْ دَقَّتْ وَخَفِيَتْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَيُحاسب عِبَادَهُ عَلَى مَا فَعَلُوهُ وَمَا أَخْفَوْهُ فِي صُدُورِهِمْ كَمَا قَالَ: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 29] ، وَقَالَ: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طَهَ: 7] ، وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ [3] كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ بِمَزِيدٍ عَلَى الْعِلْمِ، وَهُوَ: الْمُحَاسَبَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَخَافُوا مِنْهَا، وَمِنْ مُحَاسَبَةِ اللَّهِ لَهُمْ عَلَى جَلِيلِ الْأَعْمَالِ وَحَقِيرِهَا، وَهَذَا مِنْ شِدَّةِ إِيمَانِهِمْ وَإِيقَانِهِمْ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو [4] عَبْدِ الرَّحْمَنِ -

[1] في جـ: "بعضهم".
[2] المسند (5/12) وسنن أبي داود برقم (3561) وسنن الترمذي برقم (1266) وسنن النسائي الكبرى برقم (5783) وسنن ابن ماجة برقم (2400) .
[3] في جـ، أ: "في هذا".
[4] في جـ، أ، و: "حدثني ابن".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 728
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست