[سورة الجاثية (45) : آية 13]
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)
قوله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [13] قال: إذا سكن قلب العبد إلى مولاه قويت حال العبد، فسخر له كل شيء، بل أنس به كل شيء، حتى الطيور والوحوش. وحكي عن الثوري قال خرجت مع شيبان [1] الراعي إلى مكة فعرض لنا الأسد.
فقلت: يا شيبان أما ترى هذا الكلب. فقال: لا تخف. فما هو إلا أن سمع الأسد كلام شيبان الراعي، حتى جعل يبصبص بذنبه، فأتاه شيبان فأخذ بأذنه وعركها. فقلت له: ما هذه الشهرة يا شيبان؟ فقال: وأي شهرة ترى يا ثوري، والله لولا مخافة الشهرة ما حملت زادي إلى مكة إلا على ظهره [2] . وكان شيبان يحضر صلاة الجمعة، فبصر بذئب عند الغنم، فقال له: اقعد عند الغنم حتى إذا رجعت أعطيتك حملاً، فرجع من صلاة الجمعة، فإذا هو بالذئب قاعد يحفظ له الغنم، فأعطاه حملاً له. وكان سهل يقول لشاب يصحبه: إن كنت تخاف السباع فلا تصحبني.
وسئل سهل: كيف يدرك الرجل منزلة الكرامات؟ فقال: من زهد في الدنيا أربعين يوماً صادقاً مخلصاً فقد ظهرت الكرامات من الله عزَّ وجلَّ له، ومن لم تظهر له فهو لما فقد من زهده من الصدق والإخلاص، أو كلاماً نحو هذا. [1] شيبان أبو محمد الراعي: كان في العبادة فائقا، وبالتوكل على ربه واثقا. كان في عصر هارون الرشيد.
(الحلية 8/ 317 وصفوة الصفوة 4/ 377) . [2] صفوة الصفوة 4/ 377، والحلية 7/ 68- 69 وسير أعلام النبلاء 7/ 268. وروي أن مثل هذا الخبر جرى مع ابن عمر، (لسان الميزان 2/ 49) ومع إبراهيم بن الأدهم، (التدوين في أخبار قزوين 2/ 246) ومع أم هارون (صفوة الصفوة 4/ 304) .
نام کتاب : تفسير التستري نویسنده : التستري، سهل جلد : 1 صفحه : 142