نام کتاب : تفسير الشعراوي نویسنده : الشعراوي جلد : 1 صفحه : 211
إذن فكل تكاليف من الله نفعلها لأن الله شرعها ولا نفعلها لأي شيء آخر. . وكل ما يأتينا من الله من قرآن نستقبله على أنه كلام الله ولا نستقبله بأي صيغة أخرى. . ذلك هو الإيمان الذي يريد الله منا أن نتمسك به، وأن يكون هو سلوك حياتنا.
تلك مقدمة كان لابد منها إذا أردنا أن نعرف معنى الآية الكريمة: {إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} وعندما ضرب الله مثلا بالبعوضة. . استقبله الكفار بالمعنى الدنيوي دون أن يفطنوا للمعنى الحقيقي. . قالوا كيف يضرب الله مثلا بالبعوضة ذلك المخلوق الضعيف. . الذي يكفي أن تضربه بأي شيء أو بكفك فيموت؟ . لماذا لم يضرب الله تبارك وتعالى مثلا بالفيل الذي هو ضخم الجثة شديدة القوة.
. أو بالأسد الذي هو أقوى من الإنسان وضرب لنا مثلا بالبعوضة فقالوا: «ماذا أراد الله بهذا مثلا» . . ولم يفطنوا إلى أن هذه البعوضة دقيقة الحجم خلقها معجزة. . لأن في هذا الحجم الدقيق وضع الله سبحانه وتعالى كل الأجهزة اللازمة لها في حياتها. . فلها عينان ولها خرطوم دقيق جدا ولكنه يستطيع أن يخرق جلد الإنسان. . ويخرج الأوعية الدموية التي تحت الجلد ليمتص دم الإنسان. .
والبعوضة لها أرجل ولها أجنحة ولها دورة تناسلية ولها كل ما يلزم لحياتها. . كل هذا في هذا الحجم الدقيق. . كلما دق الشيء احتاج إلى دقة خلق أكبر. .
ونحن نشاهد في حياتنا البشرية أنه مثلا عندما اخترع الإنسان الساعة. . كان حجمها ضخما لدرجة أنها تحتاج إلى مكان كبير. . وكلما تقدمت الحضارة وارتقى الإنسان في صناعته وحضارته وتقدمه، أصبح الحجم دقيقا وصغيرا، وهكذا أخذت صناعة الساعات تدق. . حتى أصبح من الممكن صنع ساعة في حجم الخاتم أو أقل. . وعندما بدأ اختراع المذياع أو الراديو كان حجمه كبيرا. . والآن أصبح في غاية الدقة لدرجة أنك تستطيع أن تضعه في جيبك أو أقل من ذلك. . وفي كل الصناعات عندما ترتقي. . يصغر حجمها لأن ذلك محتاج إلى صناعة ماهر وإلى تقدم علمي. .
وهكذا حين ضرب الله مثلا بالبعوضة وما فوقها. . أي بما هو أقل منها حجما. . فإنه تبارك وتعالى أراد أن يلفتنا إلى دقة الخلق. . فكلما لطف الشيء وصغر حجمه
نام کتاب : تفسير الشعراوي نویسنده : الشعراوي جلد : 1 صفحه : 211