(وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) أي وادعوا الحاضرين في مشاهدكم من رؤسائكم وأشرافكم، الذين تفزعون إليهم في الملمات، وتعوّلون عليهم في المهمات.
وقد يكون المراد بالشهداء الأصنام أي وادعوا أصنامكم الذين اتخذتموهم آلهة وزعمتم أنهم يشهدون لكم يوم القيامة أنكم على الحق، وابتعدوا عن الله ناصر محمد صلى الله عليه وسلم.
(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أن فيه مجالا للريب والشك، وأن محمدا تقوّله من تلقاء نفسه، فلديكم ما يهدى إلى الحق ويجلّى الأمر، فها هو القرآن أمامكم فأتوا بسورة من مثله.
وقد نزل في هذا المعنى آيات كثيرة بمكة، أولها ما في سورة الإسراء: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) ثم ما في سورة هود: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ثم ما في سورة يونس: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) وما جاء في هذه السورة المدنية (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا، فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) النار موطن العذاب، ونحن نؤمن بها كما أخبر القرآن، ولا نبحث عن حقيقتها، والوقود (بفتح الواو) ما توقد به النار، والمراد بالناس العصاة، والمراد بالحجارة هنا الأصنام كما قال: (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) وقوله:
أعدّت للكافرين أي هيئت للذين لا يستجيبون دعوة الرسل أو ينحرفون عنها لمخالفتهم هدى الدين، وعمل ما تنكره شرائع الأنبياء والمرسلين.
والخلاصة- فإن لم تفعلوا ما أمرتم به من الإتيان بالمثل بعد أن بذلتم المجهود،