responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 146
لَا لِشِفَاءِ مَا فِي الصُّدُورِ مِنَ الْأَوْهَامِ وَالْآثَامِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْصَارٌ يَدْعُونَ إِلَيْهِ، وَهُدَاةٌ يَعْتَصِمُونَ بِهِ وَيُعَوِّلُونَ عَلَيْهِ، لَتَبَدَّدَتِ الظُّلُمَاتُ أَمَامَ الْأَنْوَارِ، وَمَحَتْ آيَةَ اللَّيْلِ آيَةُ النَّهَارِ.
تِلْكَ الْإِرْشَادَاتُ الْإِلَهِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْمَطَرِ الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَالزِّلْزَالُ وَالِاضْطِرَابُ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الرَّعْدِ، وَاسْتِبَانَةُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي يَلْمَعُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ كَالْبَرْقِ، وَالْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ وَالشَّهَوَاتِ وَالْخَوْفِ مِنْ ذَمِّ الْجَمَاهِيرِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمَا يُخَالِفُهُمْ كَالظُّلُمَاتِ الَّتِي تَصُدُّ عَنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ بَلْ تُعَمِّيهِ عَلَى طَالِبِهِ وَتَحْجُبُهُ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى فِي تَمْثِيلِ حَالِ هَذَا الْفَرِيقِ: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ) أَيْ قَوْمٍ نَزَلَ بِهِمْ صَيِّبٌ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الصَّيِّبَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ السَّمَاءِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَمْلِكُونَ دَفْعَهُ وَلَيْسَ مِلَاكُهُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمِنَ الْمَعْهُودِ عِنْدَ بُلَغَاءِ الْعَرَبِ التَّعْبِيرُ عَمَّا يُلِمُّ بِالنَّاسِ مِمَّا لَا دَافِعَ لَهُ بِأَنَّهُ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. وَلَا جَرَمَ أَنَّ تِلْكَ السَّوَانِحَ الَّتِي تَسْنَحُ فِي الْأَفْكَارِ، وَالْإِلْهَامَاتِ الْإِلَهِيَّةَ لِأَصْحَابِ الْفِطْرَةِ الذَّكِيَّةِ الَّتِي يَكُونُ مِنْ أَثَرِهَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمَثَلُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، هِيَ أَمْرٌ وَهَبِيٌّ وَاقِعٌ مَالَهُ مِنْ دَافِعٍ.
قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ الصَّيِّبِ: (فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) الظُّلُمَاتُ: هِيَ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وَظُلْمَةُ السُّحُبِ وَظُلْمَةُ الصَّيِّبِ نَفْسِهِ، وَالرَّعْدُ: هُوَ الصَّوْتُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُسْمَعُ فِي السَّحَابِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِ أَحْيَانًا، وَالْبَرْقُ: هُوَ الضَّوْءُ الَّذِي يَلْمَعُ فِي السَّحَابِ فِي الْغَالِبِ، وَقَدْ يَلْمَعُ مِنَ الْأُفُقِ حَيْثُ لَا سَحَابَ، وَقَالَ مُفَسِّرُنَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ: إِنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ أَوْ صَوْتُهُ، وَالْبَرْقَ سَوْطُهُ يَسُوقُ بِهِ السَّحَابَ، كَأَنَّ الْمَلَكَ جِسْمٌ مَادِّيٌّ؛ لِأَنَّ الصَّوْتَ الْمَسْمُوعَ بِالْآذَانِ مِنْ خَصَائِصِ الْأَجْسَامِ، وَكَأَنَّ السَّحَابَ حِمَارٌ بَلِيدٌ لَا يَسِيرُ إِلَّا إِذَا زُجِرَ بِالصُّرَاخِ الشَّدِيدِ وَالضَّرْبِ الْمُتَتَابِعِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَفْهَمُهُ الْعَرَبُ مِنَ اللَّفْظَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَفْهَمُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ، وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْأَلْفَاظِ عَنْ مَعَانِيهَا الْحَقِيقِيَّةِ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا صُرِفَتْ عَنْ مَعَانٍ مِنْ عَالَمِ الشَّهَادَةِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْوَاضِعُونَ وَالْمُتَكَلِّمُونَ إِلَى مَعَانٍ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ تَعَالَى وَمَنْ أَعْلَمَهُمُ اللهُ تَعَالَى إِيَّاهَا بِالْوَحْيِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ وَلِعُوا بِحَشْوِ تَفَاسِيرِهِمْ بِالْمَوْضُوعَاتِ الَّتِي نَصَّ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى كَذِبِهَا، كَمَا وَلِعُوا بِحَشْوِهَا بِالْقِصَصِ وَالْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الَّتِي تَلَقَّفُوهَا مِنْ أَفْوَاهِ الْيَهُودِ وَأَلْصَقُوهَا بِالْقُرْآنِ لِتَكُونَ بَيَانًا لَهُ وَتَفْسِيرًا، وَجَعَلُوا ذَلِكَ مُلْحَقًا بِالْوَحْيِ، وَالْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلْحَاقُ شَيْءٍ بِالْوَحْيِ غَيْرَ مَا تَدُلُّ
عَلَيْهِ أَلْفَاظُهُ وَأَسَالِيبُهُ، إِلَّا مَا ثَبَتَ بِالْوَحْيِ عَنِ الْمَعْصُومِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ثُبُوتًا لَا يُخَالِطُهُ الرَّيْبُ.
أَقُولُ: هَذَا مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ فِي الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ رَدًّا عَلَى الْجَلَالِ فِيمَا تَبِعَ فِيهِ مَا رُوِيَ فِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَلَا يَصَحُّ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَمْثِلَةُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ مِنْ سُؤَالِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ رَأَيْنَا السُّيُوطِيَّ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ هَذِهِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست