responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 166
بِالشِّعْرِ مِنِّي، لَا بِرَجَزِهِ وَلَا بِقَصِيدِهِ، وَلَا بِأَشْعَارِ الْجِنِّ، وَاللهِ مَا يُشْبِهُ هَذَا الَّذِي يَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَوَاللهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ لِحَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لِطَلَاوَةً، وَإِنَّهُ لِمُثْمِرٌ أَعْلَاهُ مُغْدِقٌ أَسْفَلَهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلَى، وَإِنَّهُ لَيُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ، قَالَ: وَاللهِ مَا يَرْضَى قَوْمُكَ حَتَّى تَقُولَ فِيهِ، قَالَ: فَدَعْنِي أُفَكِّرْ، فَلَمَّا فَكَّرَ قَالَ: هَذَا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، يَأْثَرُهُ عَنْ غَيْرِهِ)) وَكَانَ هَذَا سَبَبَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) الْآيَاتِ.
وَلَعَمْرِي إِنَّ مَسْأَلَةَ النَّظْمِ وَالْأُسْلُوبِ لِإِحْدَى الْكُبَرِ، وَأَعْجَبُ الْعَجَائِبِ لِمَنْ فَكَّرَ وَأَبْصَرَ، وَلَمْ يُوَفِّهَا أَحَدٌ حَقَّهَا، عَلَى كَثْرَةِ مَا بَدَءُوا وَأَعَادُوا فِيهَا، وَمَا هُوَ بِنَظْمٍ وَاحِدٍ وَلَا بِأُسْلُوبٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِائَةٌ أَوْ أَكْثَرُ: الْقُرْآنُ مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً مُتَفَاوِتَةً فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ، مِنَ السَّبْعِ الطُّوَلِ الَّتِي تَزِيدُ السُّورَةُ فِيهِ عَلَى الْمِائَةِ وَعَلَى الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْآيَاتِ، إِلَى السُّوَرِ الْمِئِينَ، إِلَى الْوُسْطَى مِنَ الْمُفَصَّلِ، إِلَى مَا دُونَهَا مِنَ الْعَشَرَاتِ فَالْآحَادِ كَالثَّلَاثِ الْآيَاتِ فَمَا فَوْقَهَا، وَكُلُّ سُورَةٍ مِنْهَا تُقْرَأُ بِالتَّرْتِيلِ الْمُشْبِهِ لِلتَّلْحِينِ، الْمُعِينِ عَلَى الْفَهْمِ الْمُفِيدِ لِلتَّأْثِيرِ، عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي الْفَوَاصِلِ، وَتَفَاوُتِ آيَاتِهَا فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ، فَمِنْهَا الْمُؤَلَّفُ مِنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنْ كَلِمَتَيْنِ وَمِنْ ثَلَاثٍ، وَمِنْهَا الْمُؤَلَّفُ مِنْ سَطْرٍ أَوْ سَطْرَيْنِ أَوْ بِضْعَةِ أَسْطُرٍ، وَمِنْهَا الْمُتَّفِقُ فِي أَكْثَرِ الْفَوَاصِلِ أَوْ كُلِّهَا، وَمِنْهَا الْمُخْتَلِفُ فِي السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا، وَهِيَ عَلَى مَا فِيهَا مُتَشَابِهٌ وَغَيْرُ مُتَشَابِهٍ فِي النَّظْمِ، مُتَشَابِهَةٌ كُلُّهَا فِي مَزْجِ الْمَعَانِي الْعَالِيَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَآيَاتِهِ فِي الْأَنْفُسِ وَالْآفَاقِ، وَالْحِكَمِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْأَمْثَالِ،
وَبَيَانِ الْبَعْثِ وَالْمَآلِ، وَدَارِ الْأَبْرَارِ وَدَارِ الْفُجَّارِ، وَالِاعْتِبَارِ بِقَصَصِ الرُّسُلِ وَالْأَقْوَامِ، وَأَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ.
يَقُولُ قَائِلٌ: إِنَّ أَسَالِيبَ جَمِيعِ الْفُصَحَاءِ وَالْبُلَغَاءِ مُتَفَاوِتَةٌ كَذَلِكَ، لَا يُشْبِهُ أُسْلُوبٌ مِنْهَا أُسْلُوبًا، وَلَا يَسْتَوِيَانِ مَنْظُومًا وَلَا مَنْثُورًا، فَمُجَرَّدُ اخْتِلَافِ الْأُسْلُوبِ وَالنَّظْمِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعَدَّ مُعْجِزًا (وَنَقُولُ) : مَنْ قَالَ هَذَا فَقَدَ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ، وَأَوْغَلَ فِي مَهَامِهِ الْغَفْلَةِ، فَمَهْمَا تَخْتَلِفْ مَنْظُومَاتُ الشُّعَرَاءِ فَلَنْ تَعْدُوَ بُحُورَ الشِّعْرِ الْمَنْقُولَةَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالتَّوْشِيحَاتِ وَالْأَزْجَالَ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْمُوَلَّدِينَ، وَمَهْمَا تَخْتَلِفْ خُطَبُ الْخُطَبَاءِ وَالْمُتَرَسِّلِينَ مِنَ الْكُتَّابِ وَالْمُؤَلِّفِينَ فِي الْعُلُومِ وَالشَّرَائِعِ وَالْآدَابِ فَلَنْ تَعْدُوَ أَنْوَاعَ الْكَلَامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَدَأَنَا الْقَوْلَ بِهَا، وَلَا يُشْبِهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ وَلَا تِلْكَ نَظْمَ سُورَةٍ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ وَلَا أَكْثَرِهَا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ نَظْمٌ وَأُسْلُوبٌ خَاصٌّ.
فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُشْعِرَ سَمْعَكَ وَذَوْقَكَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ نَظْمِ الْكَلَامِ الْبَشَرِيِّ وَنَظْمِ الْكَلَامِ الْإِلَهِيِّ، فَائْتِ بِقَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ يُسْمِعُكَ بَعْضَ أَشْعَارِ الْمُفْلِقِينَ، وَخَطَبَ الْمَصَاقِعِ الْمُفَوَّهِينَ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست