responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 266
فِي تَحْقِيقِ التَّوْبَةِ مِنْ أَكْبَرِ الذُّنُوبِ، وَهُوَ الرَّغْبَةُ عَنْ عِبَادَةِ مَنْ خَلَقَهُمْ وَبَرَأَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ مَا عَمِلُوا بِأَيْدِيَهُمْ وَقَدْ قَالَ: (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ) لِيُنَبِّهَهُمْ إِلَى أَنَّ الْإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ لِيَتَضَمَّنَ الْأَمْرُ الِاحْتِجَاجَ عَلَيْهِمْ وَالْبُرْهَانَ عَلَى جَهْلِهِمْ، ذَلِكَ الْعَمَلُ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ مُوسَى هُوَ قَتْلُ أَنْفُسِهِمْ، وَالْقِصَّةُ فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ: دَعَا مُوسَى إِلَيْهِ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى الرَّبِّ، فَأَجَابَهُ بَنُو لَاوَى، فَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَأْخُذُوا السُّيُوفَ وَيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَفَعَلُوا، وَقُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ " نَحْوُ ثَلَاثَةِ آلَافٍ "، وَقَالَ مُفَسِّرُنَا (الْجَلَالُ) كَغَيْرِهِ: إِنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا سَبْعُونَ أَلْفًا وَالْقُرْآنُ لَمْ يُعَيِّنِ الْعَدَدَ، وَالْعِبْرَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنَ الْقِصَّةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَعْيِينِهِ فَنُمْسِكُ عَنْهُ، كَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ، وَهَذَا مَذْهَبُهُ فِي جَمِيعِ مُبْهَمَاتِ الْقُرْآنِ، يَقِفُ عِنْدَ النَّصِّ الْقَطْعِيِّ لَا يَتَعَدَّاهُ، وَيُثْبِتُ أَنَّ الْفَائِدَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى سِوَاهُ.
قَالَ - تَعَالَى -: (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ) لِأَنَّهُ يُطَهِّرُكُمْ مِنْ رِجْسِ الشِّرْكِ الَّذِي دَنَّسْتُمْ بِهِ أَنْفُسَكُمْ وَيَجْعَلُكُمْ أَهْلًا لِمَا وَعَدَكُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلِمَثُوبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ،
وَقَوْلُهُ: (فَتَابَ عَلَيْكُمْ) مِنْ كَلَامِ اللهِ - تَعَالَى - لَا تَتِمَّةٍ لِكَلَامِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الظَّاهِرِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ فَفَعَلْتُمْ مَا أَمَرَكُمْ مُوسَى بِهِ، فَتَابَ عَلَيْكُمْ (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أَيْ أَنَّهُ هُوَ وَحْدَهُ الْكَثِيرُ التَّوْبَةِ عَلَى عِبَادِهِ بِتَوْفِيقِهِمْ لَهَا وَقَبُولِهَا مِنْهُمْ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ قَبْلَهَا جَرَائِمُهُمْ، الرَّحِيمُ بِهِمْ، وَلَوْلَا رَحْمَتُهُ لَعَجَّلَ بِإِهْلَاكِهِمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمُ الْكُبْرَى وَلَا سِيَّمَا الشِّرْكُ بِهِ.
(وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) أَيْ وَاذْكُرُوا إِذْ قُلْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ: يَا مُوسَى لَنْ نُصَدِّقَ بِمَا جِئْتَ بِهِ تَصْدِيقَ إِذْعَانٍ وَاتِّبَاعٍ، حَتَّى نَرَى اللهَ عِيَانًا جَهْرَةً، فَيَأْمُرُنَا بِالْإِيمَانِ لَكَ، (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) أَيْ فَأَخَذَتِ الْقَائِلِينَ ذَلِكَ مِنْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ بِأَعْيُنِكُمْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا بِالتَّفْصِيلِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، فَالْقِصَّةُ هُنَالِكَ مَقْصُودَةٌ بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ فَائِدَةٍ وَعِبْرَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا هُنَا التَّذْكِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: سُؤَالُ بَنِي إِسْرَائِيلَ رُؤْيَةَ اللهِ - تَعَالَى - وَاقِعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَتَّصِلُ بِمَسْأَلَةِ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَنْصُوصَةٌ فِي كِتَابِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ قَالُوا: لِمَاذَا اخْتُصَّ مُوسَى وَهَارُونُ بِكَلَامِ اللهِ - تَعَالَى - مِنْ دُونِنَا؟ وَانْتَشَرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتَجَرَّأَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِ هَارُونَ وَهَاجُوا عَلَى مُوسَى وَبَنِي هَارُونَ وَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّ نِعْمَةَ اللهِ عَلَى شَعْبِ إِسْرَائِيلَ هِيَ لِأَجْلِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ، فَتَشْمَلُ جَمِيعَ الشَّعْبِ، وَقَالُوا لِمُوسَى: لَسْتَ أَفْضَلَ مِنَّا، فَلَا يَحِقُّ لَكَ أَنْ تَتَرَفَّعَ وَتَسُودَ عَلَيْنَا بِلَا مَزِيَّةٍ، وَإِنَّنَا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً، فَأَخَذَهُمْ إِلَى خَيْمَةِ الْعَهْدِ فَانْشَقَّتِ الْأَرْضُ وَابْتَلَعَتْ طَائِفَةً مِنْهُمْ، وَجَاءَتْ نَارٌ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَأَخَذَتِ الْبَاقِينَ، وَهَذِهِ النَّارُ هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا هُنَا بِالصَّاعِقَةِ، وَهَلْ ثَمَّةَ مِنْ نَارٍ غَيْرُ الِاشْتِعَالِ بِالْكَهْرَبَاءِ، وَهُوَ مَا تُحْدِثُهُ الصَّاعِقَةُ الَّتِي تُحْدِثُ الِانْشِقَاقَ فِي الْأَرْضِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست