responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 34
آيَاتِهَا " وَذَهَبَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّامِ، وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ مِنْ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ إِلَى أَنَّهَا آيَةٌ مُفْرَدَةٌ أُنْزِلَتْ لِبَيَانِ رُءُوسِ السُّورِ وَالْفَصْلِ بَيْنَهَا، وَعَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَقَالَ حَمْزَةُ مِنْ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَثَمَّةَ أَقْوَالٌ أُخْرَى شَاذَّةٌ.
هَذَا - وَقَدْ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: الْقُرْآنُ إِمَامُنَا وَقُدْوَتُنَا، فَافْتِتَاحُهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ إِرْشَادٌ لَنَا بِأَنْ نَفْتَتِحَ أَعْمَالَنَا بِهَا فَمَا مَعْنَى هَذَا؟ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ نَفْتَتِحَ أَعْمَالَنَا بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى بِأَنْ نَذْكُرَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ أَوِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ، بَلْ أَنْ نَقُولَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ:
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فَإِنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِذَاتِهَا.
أَقُولُ الْآنَ: الِاسْمُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَاتٍ مِنَ الذَّوَاتِ كَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَزَيْدٍ، أَوْ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي كَالْعِلْمِ وَالْفَرَحِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ عَلَى الْجَوْهَرِ أَوِ الْعَرَضِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الِاسْمُ مَا يُعْرَفُ بِهِ ذَاتُ الشَّيْءِ وَأَصْلُهُ. وَقَالَ كَثِيرُونَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّمُوِّ، وَإِنَّ أَصْلَهُ سَمَوَ؛ لِأَنَّ تَصْغِيرَهُ سُمَيٌّ وَجَمْعَهُ أَسْمَاءٌ.
وَالسُّمُوُّ: الْعُلُوُّ، كَأَنَّ الِاسْمَ يَعْلُو مُسَمَّاهُ بِكَوْنِهِ عُنْوَانًا لَهُ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ مِنَ السِّمَةِ، وَهِيَ الْعَلَامَةُ، وَأَصْلُهُ وَسَمَ. وَقَالَ بَعْضُ الْبَاحِثِينَ فِي الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ: إِنَّ الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الذَّاتِ وَالْحَقِيقَةِ وَالْوُجُودِ وَالْعَيْنِ - وَهِيَ عِنْدُهُمْ أَسْمَاءٌ مُتَرَادِفَةٌ - وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ مِنَ اللُّغَةِ فِي شَيْءٍ، وَلَا هُوَ مِنَ الْفَلْسَفَةِ النَّافِعَةِ، بَلْ مِنَ الْفَلْسَفَةِ الضَّارَّةِ، وَإِنْ قَالَ الْأُلُوسِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنِ ابْنِ فَوْرِكَ وَالسُّهَيْلِيِّ: " وَمِمَّنْ يَعَضُّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ " بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ إِلَّا لِأَجْلِ النَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْوَقْتِ فِي قِرَاءَةِ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ مِنَ السَّفْسَطَةِ فِي إِثْبَاتِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ: إِنَّ
الِاسْمَ عَيْنُ الْمُسَمَّى. وَقَدْ كَتَبُوا لَغْوًا كَثِيرًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَلَّمَا تَرَى أَحَدًا رَضِيَ كَلَامَ غَيْرِهِ فِيهَا، وَلَكِنْ قَدْ يُرْضِيهِ كَلَامُ نَفْسِهِ الَّذِي يُؤَيِّدُ بِهِ مَا لَمْ يَفْهَمْهُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ.
وَالْحُقُّ أَنَّ الِاسْمَ: هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ لِسَانُكَ وَيَكْتُبُهُ قَلَمُكَ، كَقَوْلِكَ: الشَّمْسُ أَوْ زَيْدٌ أَوْ مَكَّةُ. وَالْمُسَمَّى: هُوَ الْكَوْكَبُ الْمَعْرُوفُ أَوِ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ أَوِ الْبَلَدُ الْمُحَدَّدُ، وَقَدْ يَكُونُ بَعِيدًا عَنْكَ عِنْدَ إِطْلَاقِ الِاسْمِ. وَلَفْظُ " اسْمِ " اسْمٌ لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ اللَّفْظِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْرَاضِ، دُونَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي تُسَمَّى فِي النَّحْوِ أَفْعَالًا. وَمَدْلُولُهُ مِثْلُ مَدْلُولِ لَفْظِ إِنْسَانٍ يُطْلَقُ عَلَى أَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ كَلَفْظِ " الشَّمْسِ " الَّذِي تَنْطِقُ بِهِ وَتَكْتُبُهُ، وَلَفْظِ " زَيْدٍ " وَلَفْظِ " مَكَّةَ "، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَوْجُودَاتِ. فَالِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى فِي اللُّغَةِ، وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ نَسَبَ إِلَى سِيبَوَيْهِ غَيْرَ هَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ، بَلْ قَالَ فِي كِتَابِهِ (بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ) : مَا قَالَ نَحْوِيٌّ قَطُّ وَلَا عَرَبِيٌّ إِنَّ الِاسْمَ عَيْنُ الْمُسَمَّى، وَذَكَرَ بَعْضَ مَنْ قَالَ بِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى بِالتَّسْمِيَةِ وَبَيَّنَ الْخَطَأَ فِي ذَلِكَ. وَأَنَّ مَعْنَى " (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى " سَبِّحْ رَبَّكَ ذَاكِرًا اسْمَهُ الْأَعْلَى، وَمَعْنَى " سَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ " سَبِّحْهُ نَاطِقًا بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست