قال ابن جرير: يعني بقوله جل ثناؤه: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ} ، {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} ، {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ} أيضًا: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} ، يعني: برسالة من الله. وعن قتادة قوله: {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} قال: قوله: كُنْ، فسماه الله عز وجل كلمة، لأنه كان عن كلمته، كما يقال لما قدّر الله من شيء: هذا قدر الله وقضاؤه. وقيل: إنما سمي المسيح لأنه مسح بالبركة.
قال ابن إسحاق عن محمد بن جعفر: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} ، أي: هكذا كان أمره، لا ما يقولون فيه {وَجِيهاً} . قال: وجيهًا في الدنيا والآخرة عند الله. وقال قتادة: قوله: {وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} يقول: من المقربين عند الله يوم القيامة.
وقوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} . قال ابن عباس: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ} ، قال: مضجع الصبي في رضاعه. وقال مجاهد: الكهل الحليم. وقال قتادة: يكلمهم صغيرًا وكبيرًا. وقال ابن إسحاق عن محمد بن جعفر: يخبرهم بحالاته التي يتقلب بها في عمله، كتقلب بني آدم في أعمالهم صغارًا وكبارًا، إلا أن الله خصه بالكلام في مهده آية لنبوته وتعريفًا للعباد موقع قدرته. وقال ابن زيد: قد كلمهم عيسى في المهد، وسيكلمهم إذا قتل الدجال، وهو يومئذٍ كهل.