نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 161
فصل: قال شيخنا علي بن عبيد الله: اقتضى قوله: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، تحريم حلاق الشعر، سواء وجد به الأذى، أو لم يجد، حتى نزل فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ، فاقتضى هذا إباحة حلق الشعر عند الأذى مع الفدية، فصار ناسخاً لتحريمه المتقدم.
ومعنى الآية: فمن كان منكم- أي: من المحرمين، محصراً كان أو غير محصر- مريضاً، واحتاج إلى لبس أو شيء يحظره الإحرام، ففعله، أو به أذىً من رأسه فحلق ففدية من صيام. وفي الصيام قولان:
(83) أحدهما: أنه ثلاثة أيام، روي في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو قول الجمهور. والثاني: أنه صيام عشرة أيام، روي عن الحسن وعكرمة ونافع.
وفي الصّدقة قولان: أحدهما: إطعام ستة مساكين، روي في حديث كعب، وهو قول من قال:
الصوم ثلاثة أيام. والثاني: أنها إطعام عشرة مساكين، وهو قول من أوجب صوم عشرة أيام. والنسك:
ذبح شاة، يقال: نسكت لله، أي: ذبحت له. وفي النسك لغتان: ضم النون والسين، وبها قرأ الجمهور، وضم النون مع تسكين السين، وهي قراءة الحسن.
قوله تعالى: فَإِذا أَمِنْتُمْ، أي: من العدو، إذ المرض لا تؤمن معاودته، وقال علقمة في آخرين: فاذا أمنتم من الخوف أو المرض. فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، معناه: من بدأ بالعمرة في أشهر الحج، وأقام الحج من عامه ذلك فعليه ما استيسر من الهدي. وهذا قول ابن عمر وابن عباس، وابن المسيب، وعطاء، والضحاك. وقد سبق الكلام فيما استيسر من الهدي. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، قال الحسن: هي قبل التّروية بيوم والتّروية، وعرفة، وهذا قول عطاء، والشعبي، وأبي العالية، وابن جبير، وطاوس، وإبراهيم. وقد نقل عن عليّ عليه السّلام. وقد روي عن الحسن، وعطاء قالا:
في أيّ العشر شاء صامهنّ. ونقل عن طاوس، ومجاهد، وعطاء، أنهم قالوا: في أي أشهر الحج شاء فليصمهن. ونقل عن ابن عمر أنه قال: من حين يحرم إلى يوم عرفة.
فصل: فإن لم يجد الهدي، ولم يصم الثلاثة الأيام قبل يوم النحر، فماذا يصنع؟ قال عمر بن الخطّاب، وابن عباس، وابن جبير، وطاوس، وإبراهيم: لا يجزيه إلا الهدي ولا يصوم. وقال ابن عمر وعائشة: يصوم أيام منى. ورواه صالح عن أحمد، وهو قول مالك. وذهب آخرون إلى أنه لا يصوم أيام التشريق، بل يصوم بعدهن. روي عن عليّ. ورواه المرّوذي عن أحمد، وهو قول الشّافعيّ [1] .
صحيح. أخرجه البخاري 1814 ومسلم 1201 وأبو داود 1856 و 1857 والترمذي 2973 والنسائي 5/ 195 والطيالسي 1062 وأحمد 4/ 241 و 242 كلهم عن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال له: «لعلك آذاك هو أمك؟» قال: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك بشاة» . رووه بألفاظ متقاربة، واللفظ للبخاري. [1] قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» 5/ 200: فإن لم يكن معه هدي، ولا يقدر عليه، صام عشرة أيام، ثم حلّ وجملة ذلك أن المحصر، إذا عجز عن الهدي، انتقل إلى صوم عشرة أيام ثم حلّ. وبهذا قال الشافعي، في أحد قوليه. وقال مالك، وأبو حنيفة: ليس له بدل، لأنه لم يذكر في القرآن، ولنا أنه دم واجب للإحرام فكان له بدل، كدم التمتاع والطيب واللباس. ويتعين الانتقال إلى صيام عشرة أيام، كبدل هدي التمتاع، وليس له أن يتحلل إلا بعد الصيام، كما لا يتحلل واجد الهدي إلا بنحره. ولا يتحلل إلا بالنية، فيحصل الحل بشيئين، النحر أو الصوم والنية. إن قلنا الحلاق ليس بنسك، وإن قلنا: هو نسك حصل بثلاثة أشياء، الحلاق مع ما ذكرنا. [.....]
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 161