نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 410
فعلها، وعلى الثاني: «عابر السبيل» : المجتاز في المسجد، وقربان الصلاة: دخول المسجد الذي تفعل فيه الصلاة.
قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى، في سبب نزول هذا الكلام قولان:
(288) أحدهما: أن رجلاً من الأنصار كان مريضاً فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكر له ذلك، فنزلت: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ قاله مجاهد.
(289) والثاني: أن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصابتهم جراحات، ففشت فيهم وابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى الآية كلها، قاله إبراهيم النخعي.
قال القاضي أبو يعلى: وظاهر الآية يقتضي جواز التيمم مع حصول المرض الذي يستضرّ معه باستعمال الماء، سواء كان يخاف التلف، أو لا يخاف، وكذلك السفر يجوز فيه التيمم عند عدم الماء، سواء كان قصيراً، أو طويلاً، وعدم الماء ليس بشرط في جواز التيمم للمريض، وإنما الشرط: حصول الضرر، وأما السفر، فعدم الماء شرط في إِباحة التيمم، وليس السفر بشرط، وإنما ذكر السفر، لأن الماء يُعدم فيه غالبا [1] .
ضعيف. أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم كما في «الدر المنثور» 2/ 296 عن مجاهد مرسلا، فهو ضعيف.
ضعيف. أخرجه الطبري 9639 عن إبراهيم النّخعي مرسلا. [1] قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» 1/ 316 و 334- 336 (وإذا كان به قرح أو مرض مخوف، وأجنب، فخشي على نفسه إن أصابه الماء، غسل الصحيح من جسده، وتيمم لما لم يصبه الماء) فالجريح والمريض إذا خاف على نفسه من استعمال الماء جاز له التيمم، هذا قول أكثر أهل العلم، منهم ابن عباس ومجاهد، وعكرمة، وطاوس، والنخعي، وقتادة ومالك، والشافعي. ولم يرخّص له عطاء في التيمم إلا عند عدم الماء، لظاهر الآية، ونحوه عن الحسن في المجدور الجنب، قال لا بد من الغسل. ولنا، قول الله تعالى:
وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. وحديث عمرو بن العاص حين تيمم من خوف البرد، وحديث ابن عباس، وجابر في الذي أصابته الشجّة ولأنه يباح له التيمم إذا خاف العطش، أو خاف من سبع، فكذلك هاهنا، فإن الخوف لا يختلف، وإنما اختلفت جهاته. واختلف في الخوف المبيح للتيمم، فروي عن أحمد: لا يبيحه إلا خوف التّلف. وهذا أحد قولي الشافعي. وظاهر المذهب: أنه يباح له التيمم إذا خاف زيادة المرض أو تباطؤ البرء، أو خاف شيئا فاحشا، أو ألما غير محتمل. وهذا مذهب أبي حنيفة والقول الثاني للشافعي. وهو الصحيح، لعموم قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ لأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شيء من ماله، أو ضررا في نفسه من لص، أو سبع أو لم يجد الماء إلا بزيادة على ثمن مثله كثيرة، فلأن يجوز هاهنا أولى والمرض والجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء، مثل من به الصداع والحمّى الحارة، أو أمكنه استعمال الماء الحار، ولا ضرر عليه فيه، لزمه ذلك. وحكي عن داود ومالك، إباحة التيمم للمريض مطلقا، لظاهر الآية. ولنا، أنه واجد للماء، لا يستضرّ باستعماله فلم يجز له التيمم، كالصحيح، والآية اشترط فيها عدم الماء، فلم يتناول محل النزاع، على أنه لا بد فيها من إضمار الضرورة، والضرورة إنما تكون عند الضرر. ومن كان مريضا لا يقدر على الحركة، ولا يجد من يناوله الماء، فهو كالعادم. قاله ابن أبي موسى.
وهو قول الحسن، لأنه لا سبيل له إلى الماء فأشبه من وجد بئرا ليس له ما يستقي به منها. وإن كان له من يناوله الماء قبل خروج الوقت، فهو كالواجد، لأنه بمنزلة ما يستقى به في الوقت. وإن خاف خروج الوقت قبل مجيئه. قال ابن أبي موسى: له التيمم ولا إعادة عليه. وهو قول الحسن، لأنه عادم في الوقت، فأشبه العادم مطلقا، ويحتمل أن ينتظر مجيء من يناوله، لأنه جاهز ينتظر حصول الماء قريبا، فأشبه المشتغل باستقاء الماء وتحصيله.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 410