نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 436
أحدها: شهيداً لك بأنك رسوله، قاله مقاتل. والثاني: على مقالتهم، قاله ابن السائب. والثالث: لك بالبلاغ، وعليهم بالتكذيب والنفاق، قاله أبو سليمان الدمشقي.
فان قيل: كيف عاب الله هؤلاء حين قالوا: إِن الحسنة من عند الله، والسيئة من عند النبي عليه السلام، وردّ عليهم بقوله تعالى: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثم عاد فقال: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ فهل قال القوم إِلا هكذا؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنهم أضافوا السّيئة إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تشاؤماً به، فردّ عليهم، فقال: كلٌ بتقدير الله. ثم قال: ما أصابك من حسنة، فمن الله، أي: من فضله، وما أصابك من سيئة، فبذنبك، وإِن كان الكل من الله تقديراً. والثاني: أن جماعة من أرباب المعاني قالوا: في الكلام محذوف مقدّر، تقديره: فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً، يقولون: ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك. فيكون هذا من قولهم. والمحذوف المقدّر في القرآن كثير، ومنه قوله تعالى: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا [1] أي: يقولان: ربنا. ومثله أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ [2] أي: فحلق، ففدية. ومثله فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ [3] أي: فيقال لهم. ومثله وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ [4] أي: يقولون سلام. ومثله أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ [5] أراد: لكان هذا القرآنَ. ومثله وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [6] أراد: لعذّبكم. ومثله رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا أي: يقولون. وقال النَّمِرُ بنُ تولب:
فإنَّ المنيَّة من يخشَها ... فَسَوْفَ تُصَادِفُه أينما
أراد: أينما ذهب. وقال غيره:
فأُقْسِمُ لَوْ شيءٌ أتانا رسولُه ... سواكَ وَلكِن لم نجد لَك مدفعا «7»
أراد: لرددناه.
[سورة النساء [4] : آية 80]
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80)
قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ سبب نزولها:
(317) أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أطاعني، فقد أطاع الله، ومن أحبني، فقد أحب الله» فقال المنافقون: لقد قارب هذا الرجل الشرك، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل.
لا أصل له بهذا اللفظ، عزاه المصنف لمقاتل، وهو متهم بالوضع. وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» [1]/ 539: لم أجده. وبعض الحديث المرفوع صحيح، ورد في خبر مسند عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله. ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني. وإنما الإمام جنّة يقاتل من ورائه، ويتقى به. فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجرا، وإن قال بغيره فإن عليه منه» .
وهذا صحيح. أخرجه البخاري 2957 و 7137 ومسلم 1835 والنسائي [7]/ 154 وابن ماجة [3] وابن حبان 3556 وعبد الرزاق 20679 وأحمد [2]/ 342 و 416 من حديث أبي هريرة، وليس فيه سبب نزول ولا قول المنافقين وقال الحافظ في «الفتح» 2957: قوله: «من أطاعني فقد أطاع الله» : هذه الجملة منتزعة من قوله تعالى: (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) . [1] سورة البقرة: 127. [2] سورة البقرة: 196. [3] سورة آل عمران: 106. [4] سورة الرعد: 23- 24. [5] سورة الرعد: 34. [6] سورة النور: 20. [7] البيت لامرئ القيس وهو في ديوانه 242.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 436