نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 484
(381) أحدهما: أن فقيراً وغنياً اختصما إِلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكان صَغْوُه [1] مع الفقير يرى أن الفقير لا يَظلم الغني، فنزلت هذه الآية، هذا قول السدي. والثاني: أنها متعلقة بقصّة ابن أُبيرق، فهي خطاب للذين جادلوا عنه، ذكره أبو سليمان الدمشقي [2] .
و «القوّام» : مبالغة مِن قائِم. و «القسط» : العدل. قال ابن عباس: كونوا قوّالين بالعدل في الشهادة على من كانت، ولو على أنفسكم. وقال الزجاج: معنى الكلام: قوموا بالعدل، واشهدوا لله بالحق، وإِن كان الحق على الشاهد، أو على والديه، أو قريبه [3] ، إِنْ يَكُنْ المشهود له غَنِيًّا فالله أولى به، وإِن يكن فقيراً فالله أولى به. فأما الشهادة على النفس، فهي إِقرار الإِنسان بما عليه من حق. وقد أمرت الآية بأن لا ينظر إِلى فقر المشهود عليه، ولا إِلى غناه، فإن الله تعالى أولى بالنظر إِليهما. قال عطاء: لا تحيفوا على الفقير، ولا تعظموا الغني، فتمسكوا عن القول فيه. وممن قال: إِن الآية نزلت في الشهادات، ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، والزّهريّ، وقتادة، والضحاك.
قوله تعالى: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا فيه أربعة أقوال: أحدها: أن معناه: فلا تتبعوا الهوى، واتقوا الله أن تعدِلوا عن الحق، قاله مقاتل. والثاني: ولا تتبعوا الهوى لتعدلوا، قاله الزجاج. والثالث: فلا تتبعوا الهوى كراهية أن تعدلوا عن الحق. والرابع: فلا تتبعوا الهوى فتعدلوا، ذكرهما الماوردي. قوله
ضعيف، أخرجه الطبري 10683 عن السدي مرسلا. وذكره الواحدي بدون إسناد في «أسباب النزول» 371، وأخرجه ابن أبي حاتم عن السدي كما في «أسباب النزول» للسيوطي.
- وفي الطبري والواحدي وكان- ضلعه- بدلا من وكان- صغوه-. [1] في «اللسان» : صغا: مال ويقال صغوه معك: أي ميله معك. [2] قال الإمام الطبري رحمه الله في «تفسيره» 4/ 320: وهذه الآية عندي تأديب من الله جل ثناؤه عباده المؤمنين أن يفعلوا ما فعله الذين عذروا بني أبيرق في سرقتهم ما سرقوا، وخيانتهم ما خانوا ممن ذكر قيل، عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشهادتهم لهم عنده بالصلاح. [.....] [3] قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» 14/ 137: من لزمته الشهادة، فعليه أن يقوم بها على القريب والبعيد، لا يسعه التخلف عن إقامتها وهو قادر على ذلك. وجملته أن أداء الشهادة من فروض الكفايات، فإن تعينت عليه، بأن لا يتحملها من يكفي فيها سواه، لزمه القيام بها. وإن قام بها اثنان غيره، سقط عنه أداؤها إذا قبل الحاكم. فإن كان تحمّلها جماعة، فأداؤها واجب على الكل، إذا امتنعوا أثموا كلهم، كسائر فروض الكفاية. ولا تجوز شهادة الوالدين وإن علوا، للولد وإن سفل، ولا شهادة الولد وإن سفل لهما وإن علوا، وبه قال شريح، والحسن، ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.
وروي عن أحمد رواية ثانية، تقبل شهادة الابن لأبيه، ولا تقبل شهادة الأب له، لأن مال الابن في حكم مال الأب، له أن يتملكه إذا شاء لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أنت ومالك لأبيك» . وأما شهادة أحدهما على صاحبه، فتقبل. نصّ عليه أحمد. وهذا قول عامة أهل العلم، ولم أجد في «الجامع» فيه خلافا، وذلك لقوله تعالى: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ. فأمر بالشهادة عليهم، ولو لم تقبل لما أمر بها، ولأنها ردّت للتهمة في إيصال النفع، ولا تهمة في شهادته عليه، فوجب أن تقبل، كشهادة الأجنبي، بل أولى.
وقال بعض الشافعية: لا تقبل شهادة الابن على أبيه في قصاص، ولا حدّ قذف، لأنه لا يقتل بقتله، ولا يحدّ بقذفه، فلا يلزمه ذلك. والمذهب الأوّل، لأنه يتهم له ولا يتهم عليه، فشهادته عليه أبلغ في الصّدق، كإقراره على نفسه.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 484