نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 603
هذا المنديل، وليكشف لنا عن هذه الآية. قالوا: يا روح الله أنت أولانا بذلك، فاكشف عنها، فاستأنف وضوا جديداً، وصلى ركعتين، وسأل ربه أن يأذن له بالكشف عنها، ثم قعد إِليها، وتناول المنديل، فإذا عليها سمكة مشوية، ليس فيها شوك، وحولها من كل البقل ما خلا الكرَّاث، وعند رأسها الخل، وعند ذنبها الملح، وحولها خمسة أرغفةٍ، على رغيف تمر، وعلى رغيف زيتون، وعلى رغيف خمس رمانات. فقال شمعون رأس الحواريين: يا روح الله أمِن طعام الدنيا هذا، أمِّن طعام الجنة؟ فقال عيسى: سبحان الله أما تنتهون! ما أخوفني عليكم. قال شمعون: لا وإِله بني إِسرائيل ما أردت بهذا سوءاً. قال عيسى: ليس ما ترون عليها من طعام الدنيا، ولا من طعام الجنة، إِنما هو شيءٌ ابتدعه الله، فقال له: «كن» فكان أسرع من طرفة عين. فقال الحواريون: يا روح الله إِنما نريد أن ترينا في هذه الآية آية، فقال: سبحان الله! ما اكتفيتم بهذه الآية؟! ثم أقبل على السمكة فقال: عودي بإذن الله حيةً طريةً، فعادت تضطرب على المائدة، ثم قال: عودي كما كنت، فعادت مشوية، فقال: يا روح الله كن أنت أول من يأكل منها، فقال: معاذ الله بل يأكل منها مَن سألها، فلما رأوا امتناعه، خافوا أن يكون نزولها عقوبة، فلما رأى عيسى ذلك دعا لها الفقراء والزَّمنى واليتامى، فقال: كلوا من رزق ربكم، ودعوة نبيكم، ليكون مهنؤها لكم، وعقوبتها على غيركم، فأكل منها ألف وسبعمائة إِنسان، يصدرون عنها شباعاً وهي كهيئتها حين نزلت، فصحَّ كل مريض، واستغنى كل فقير أكل منها، ثم نزلت بعد ذلك عليهم، فازدحموا عليها، فجعلها عيسى نوباً بينهم، فكانت تنزل عليهم أربعين يوماً، تنزل يوماً وتغبُّ [1] يوماً، وكانت تنزل عند ارتفاع الضحى، فيأكلون منها حتى إِذا قالوا، ارتفعت إِلى السماء وهم ينظرون إِلى ظلها في الأرض [2] . وقال قتادة: كانت تنزل عليهم بكرةً وعشية، حيث كانوا. وقال غيره:
نزلت يوم الأحد مرتين. وقيل: نزلت غدوة وعشية يوم الأحد، فلذلك جعلوه عيداً. وفي الذي كان على المائدة ثمانية أقوال: أحدها: أنه خبز ولحم، روي عن عمار بن ياسر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
(485) «نزلت المائدة من السماء خبزاً ولحما» .
ضعيف جدا، شبه موضوع، والصواب وقفه. أخرجه الترمذي 3061 والطبري 13016 من حديث عمار مرفوعا، وقال الترمذي: رواه غير واحد عن سعيد به موقوفا، وهو أصح من المرفوع، ولا نعلم للمرفوع أصلا اه. قلت: إسناده واه، وله علل ثلاث: الأولى: رواه غير واحد موقوفا. الثانية: قتادة مدلس، وقد عنعن. الثالثة: خلاس كثير الإرسال والرواية عمن لم يلقه. وقد أخرجه الطبري 13018 عن قتادة عن خلاس عن عمار به موقوفا، ورجاله رجال الشيخين سوى خلاس روى له البخاري متابعة. وأخرجه الطبري 13015 من وجه آخر عن عمار، وفيه راو لم يسم. وأخرجه الطبري 13019 عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا ... فذكره. وإسناده صحيح إلى قتادة، فلو كان هذا الحديث مرفوعا عند قتادة لما رواه بصيغة التمريض، ومن غير عزو لأحد. فالأشبه في هذا كونه موقوفا، والموقوف ضعيف جدا، شبه موضوع. [1] في «اللسان» : النّوب: جمع نوبة: وهي الفرصة والدّولة. والغبّ: ورد يوم، وظمأ آخر. [2] قال ابن كثير رحمه الله 2/ 154: هذا أثر غريب جدا، قطّعه ابن أبي حاتم في مواضع من هذه القصة، وقد جمعته أنا له ليكون سياقه أتم وأكمل، والله سبحانه وتعالى- أعلم.
وكل هذه الآثار تدل على أن المائدة نزلت على بني إسرائيل، أيام عيسى ابن مريم، إجابة من الله لدعوته، وكما دل على ذلك ظاهر السياق في القرآن العظيم.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 603