نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 605
والثاني: أنه قاله له حين رفعه إِليه، قاله السدي، والأول أصح.
وفي «إِذْ» ثلاثة أقوال: أحدها: أنها زائِدة، والمعنى: وقال الله، قاله أبو عبيدة. والثاني: أنها على أصلها، والمعنى: وإذ يقول الله له، قاله ابن قتيبة. والثالث: أنها بمعنى: «إذا» ، كقوله تعالى:
وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا [1] والمعنى: إِذا. قال أبو النجم:
ثم جزاكَ الله عنِّي إِِذ جزى ... جنَّاتِ عَدْنٍ في السّماوات العلا
ولفظ الآية لفظ الاستفهام، ومعناها التوبيخ لِمن ادّعى ذلك على عيسى.
قال أبو عبيدة: وإِنما قال: «إِلهين» ، لأنهم إِذ أشركوا فعل ذكر مع فعل أنثى ذكَّروهما. فإن قيل: فالنصارى لم يتخذوا مريم إلهاً، فكيف قال الله تعالى ذلك فيهم؟ فالجواب: أنهم لما قالوا: لم تلد بشراً، وإِنما ولدت إِلهاً، لزمهم أن يقولوا: إِنها من حيث البعضية بمثابة مَن ولدته، فصاروا بمثابة من قاله.
قوله تعالى: قالَ سُبْحانَكَ أي: براءة لك من السوء ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ أي:
لست أستحق العبادة فأدعو الناس إِليها. وروى عطاء بن السائب عن ميسرة قال: لما قال الله تعالى لعيسى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ رُعِد كل مَفْصِل منه حتى وقع مخافة أن يكون قد قاله، وما قال: إِني لم أقل، ولكنه قال: إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ. فإن قيل: ما الحكمة في سؤال الله تعالى له عن ذلك وهو يعلم أنه ما قاله؟ فالجواب: أنه تثبيت للحجة على قومه، وإِكذاب لهم في ادّعائهم عليه أنه أمرهم بذلك، ولإِنه إِقرارٌ من عيسى بالعجز في قوله: وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ وبالعبودية في قوله: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ.
قوله تعالى: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي قال الزجاج: تعلم ما أُضمره، ولا أعلم ما عندك علمُه، والتأويل: تعلم ما أعلم وأنا لا أعلم ما تعلم.
[سورة المائدة (5) : آية 117]
ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)
قوله تعالى: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ قال مقاتل: وحِّدوه.
قوله تعالى: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً أي: على ما يفعلون ما كنت مقيماً فيهم، وقوله: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي فيه قولان: أحدهما: بالرفع إِلى السماء. والثاني: بالموت عند انتهاء الأجل. و «الرقيب» مشروحٌ في سورة (النساء) ، و «الشّهيد» في (آل عمران) .
[سورة المائدة (5) : آية 118]
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)
قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ قال الحسن، وأبو العالية: إِن تعذبهم، فبإقامتهم على كفرهم، وإِن تغفر لهم، فبتوبة كانت منهم. وقال الزجاج: علم عيسى أن منهم من آمن، ومنهم من أقام [1] سورة سبأ: 51.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 605