نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 149
المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى الإِيمان بالله وصفاته القدسية العلية، وذكر ولايته للمؤمنين وولاية الطاغوت للكافرين، ذكر هنا نموذجاً عن تحكم الطغيان في نفوس الكفرة المعاندين ومجادلتهم في وحدانية الله، فذكر هاهنا قصصاً ثلاثة: الأولى في بيان إِثبات الخالق الحكيم والثانية والثالثة في إِثبات الحشر، والبعث بعد الفناء.
اللغَة: {حَآجَّ} المحاجّة: المغالبة يقال: حججته فحججته، وحاجّه أي بادله الحجة {فَبُهِتَ} انقطع وسكت متحيراً قال العذري:
فما هو إِلا أن أَراها فَجاءةً ... فأبهتُ حتى ما أكاد أجيب
{خَاوِيَةٌ} ساقطة {عُرُوشِهَا} العرش: سقف البيت، وكلُّ ما يهيأ ليُظلَّ أو يُكنَّ فهو عريش {يَتَسَنَّهْ} يتغيّر ويتبدّل من تسنَّهت النخلة إِذا أتت عليها السنون وغيَّرتها {نُنْشِزُهَا} نركّب بعضها فوق بعض من النشاز وهو الرفع يقال لما ارتفع من الأرض نشز ومنه نشوز المرأة {فَصُرْهُنَّ} ضمهنَّ إِليك ثم اقطعهنَّ من صار الشيء يصوره إِذا قطعه.
التفِسير: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} تعجيب للسامع من أمر هذا الكافر، المجادل في قدرة الله أي ألم ينته علمك إِلى ذلك المارد وهو «النمر وذو بن كنعان» الذي دادل إِبراهيم في وجود الله؟ {أَنْ آتَاهُ الله الملك} أي لأن آتاه الله الملك حيث حمله بطره بنعم الله على إِنكار وجود الله، فقابل الجود والإِحسان بالكفر والطغيان {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي حين قال له إِبراهيم مستدلاً على وجود الله إِن ربي هو الذي يخلق الحياة والموت في الأجساد فهو وحده ربُّ العالمين {قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} أي قال ذلك الطاغية وأنا أيضاً أحيي وأميت، روي أنه دعا برجلين حكم عليهما بالإِعدام فأمر بقتل أحدهما فقال: هذا قتلتُه، وأمر بإِطلاق الآخر وقال: هذا أحييتُه، ولما رأى الخليل حماقته ومشاغبته في الدليل عدل إِلى دليل آخر أجدى وأروع وأشد إِفحاماً {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب} أي إِذا كنت تدعي الألوهية وأنك تحيي وتميت كما يفعل رب العالمين جل جلاله فهذه الشمس تطلع كل يوم من المشرق بأمر الله ومشيئته فأطلعها من المغرب بقدرتك وسلطانك ولو مرة واحدة {فَبُهِتَ الذي كَفَرَ} أي أُخرس ذلك الفاجر بالحجة القاطعة، وأصبح مبهوتاً دهشاً لا يستطيع الجواب {والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} أي لا يلهمهم الحجة والبيان في مقام المناظرة والبرهان بخلاف أوليائه المتقين {أَوْ كالذي مَرَّ على قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا} وهذه هي القصة الثانية وهي مثل لمن أراد الله هدايته والمعنى ألم ينته إلى علمك كذلك مثل الذي مرَّ على قرية وقد سقطت جدرانها على سقوفها وهي قرية بيت المقدس لما خرَّ بها بختنصر {قَالَ أنى يُحْيِي هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا} أي قال ذلك الرجل الصالح واسمه «عزير» على الرأي الأشهر: كيف يحيي الله هذه البلدة بعد حرابها ودمارها؟ قال ذلك استعظاماً لقدرة الله تعالى وتعجباً من حال تلك المدينة وما هي عليه من الخراب والدمار، وكان راكباً على حماره حينما مرَّ عليها {فَأَمَاتَهُ الله مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} أي أمات الله ذلك السائل واستمر ميتاً مائة سنة ثم أحياه الله ليريه كمال قدرته {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} أي قال له ربه بواسطة الملك كم مكثت في هذه الحال؟ قال يوماً ثم نظر حوله فرأى الشمس باقية لم تغب فقال: أو
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 149