نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 171
والأولاد، ولن تدفع عنهم من عذاب الله في الآخرة {مِّنَ الله شَيْئاً} أي من عذاب الله وأليم عقابه {وأولئك هُمْ وَقُودُ النار} أي هم حطب جهنم الذي تُسْجر وتوقد به النار {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} أي حال هؤلاء الكفار وشأنهم كحال وشأن آل فرعون، وصنيعُهم مثلُ صنيعهم {والذين مِن قَبْلِهِمْ} أي من قبل آل فرعون من الأمم الكافرة كقوم هود وصالح وشعيب {كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} أي كذبوا بالآيات التي تدل على رسالات الرسل {فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ} أي أهلكهم وعاقبهم بسبب الكفر والمعاصي {والله شَدِيدُ العقاب} أي أليم العذاب شديد البطش، والغرض من الآية أن كفار قريش كفروا كما كفر أولئك المعاندون من آل فرعون ومن سبقهم، فكما لم تنفع أولئك أموالهم ولا أولادهم فكذلك لن تنفع هؤلاء {قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} أي قل يا محمد لليهود ولجميع الكفار {سَتُغْلَبُونَ} أي تُهزمون في الدنيا {وَتُحْشَرُونَ إلى جَهَنَّمَ} أي تُجمعون وتساقون إِلى جهنم {وَبِئْسَ المهاد} أي بئس المهاد والفراش الذي تمتهدونه نار جهنم {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ} أي قد كان لكم يا معشر اليهود عظة وعبرة {فِي فِئَتَيْنِ التقتا} أي في طائفتين التقتا للقتال يوم بدر {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله} أي طائفةٌ مؤمنة تقاتل لإِعلاء دين الله {وأخرى كَافِرَةٌ} أي وطائفة أخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت وهم كفار قريش {يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ} أي يرى الكافرون المؤمنين أكثر منهم مرتين {رَأْيَ العين} أي رؤية ظاهرةً مكشوفة بالعين المجردة لا بالوهم والخيال، وقيل: المراد يرى المؤمنون ضعفيهم في العدد، وذلك أن الله أكثر المؤمنين في أعين الكافرين ليرهبوهم ويجبنوا عن قتالهم، والقول الأول اختيار ابن جرير وهو الأظهر لقوله تعالى {رَأْيَ العين} أي رؤية حقيقية لا بالخيال {والله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ} أي يقوّي بنصره من يشاء {إِنَّ فِي ذلك لَعِبْرَةً} أي لآية وموعظة {لأُوْلِي الأبصار} أي لذوي العقول السليمة والأفكار المستقيمة، ومغزى الآية أن القوة المادية ليست كل شيء، وأن النصر لا يكون بكثرة العََدد والعتاد، وإِنما يكون بمعونة الله وتأييده كقوله
{إِن يَنصُرْكُمُ الله فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] ثم أخبر تعالى عن اغترار الناس بشهوات الحياة الفانية فقال {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات مِنَ النساء} أي حُسِّن إِليهم وحُبّب إِلى نفوسهم الميل نحو الشهوات، وبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد، والإِلتذاذ بهن أكثر وفي الحديث «ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء» ثم ذكر ما يتولد منهن فقال {والبنين} وإِنما ثنّى بالبنين لأنهم ثمرات القلوب وقرة الأعين كما قال القائل:
وإِنما أولادنا بيننا ... أكبادُنا تمشي على الأرض
لو هبَّت الريح على بعضهم ... لامتنعتْ عيني عن الغَمْض
وقُدّموا على الأموال لأن حب الإِنسان لولده أكثر من حبه لماله {والقناطير المقنطرة مِنَ الذهب والفضة} أي الأموال الكثيرة المكدَّسة من الذهب والفضة، وإِنما كان المال محبوباً لأنه يحصل به غالب الشهوات، والمرء يرتكب الأخطار في تحصيله
{وَتُحِبُّونَ المال حُبّاً جَمّاً} [الفجر: 2] والذهب والفضة أصل التعامل ولذا خُصَّا بالذكر {والخيل المسومة} أي الأصيلة الحسان {والأنعام} أي الإِبل والبقر
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 171