نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 352
منحناهم من أسباب السعة والعيش والتمكين في الأرض ما لم نعطكم يا أهل مكة {وَأَرْسَلْنَا السمآء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً} أي أنزلنا المطر غزيراً متتابعاً يدرُّ عليهم درّاً {وَجَعَلْنَا الأنهار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ} أي من تحت أشجارهم ومنازلهم حتى عاشوا في الخصب والريف بين الأنهار والثمار {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} أي فكفروا وعصوا فأهلكناهم بسبب ذنوبهم، وهذا تهديد للكفار أن يصيبهم مثل ما أصاب هؤلاء على حال قوتهم وتمكينهم في الأرض {وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ} أي أحدثنا من بعد إِهلاك المكذبين قوماً آخرين غيرهم قال أبو حيان: وفيه تعريض للمخاطبين بإهلاكهم إذا عصوا كما أهلك من قبلهم {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ} أي لو نزّلنا عليك يا محمد كتاباً مكتوباً على ورقٍ كما اقترحوا {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} أي فعاينوا ذلك ومسّوه باليد ليرتفع عنهم كل إِشكال ويزول كل ارتياب {لَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} أي لقال الكافرون عند رؤية تلك الآية الباهرة تعنتاً وعناداً ما هذا إِلا سحرٌ واضح، والغرضُ أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم أوضح الآيات وأظهر الدلائل {وَقَالُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} أي هلاّ أنزل على محمد ملك يشهد بنبوته وصدقه و {لولا} بمعنى هلاّ للتحضيض قال أبو السعود: أي هلاّ أُنزل عليه ملك بحيث نراه ويكلمنا أنه نبيّ وهذا من أباطيلهم المحقّقة وخرافاتهم الملفّقة التي يتعللون بها كلما ضاقت عليهم الحيَل وعييت بهم العلل {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر} أي لو أنزلنا الملك كما اقترحوا وعاينوه ثم كفروا لحقًّ إِهلاكهم كما جرت عادة الله بأن من طلب آية ثم لم يؤمن من أهلكه الله حالاً {ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ} أي ثم لا يُمهلون ولا يُؤخرون، والآية كالتعليل لعدم إِجابة طلبهم، فإِنهم - في ذلك الإِقتراح - كالباحث عن حتفه بظِلْفه {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} أي لو جعلنا الرسول ملكاً لكان في صورة رجل لأنهم لا طاقة لهم على رؤية الملك في صورته {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} أي لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم وعلى ضعفائهم، فإِنهم لو رأوا الملك في صورة إِنسان قالوا هذا إِنسانٌ وليس بملك قال ابن عباس: لو أتاهم ملكٌ ما أتاهم إِلا في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور، ثم قال تعالى تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {وَلَقَدِ استهزىء بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ} أي والله لقد استهزأ الكافرون من كل الأمم بأنبيائهم الذين بعثوا إِليهم {فَحَاقَ بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} أي أحاط ونزل بهؤلاء المستهزئين بالرسل عاقبة استهزائهم، وفي هذا الإِخبار تهديد للكفار {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض ثُمَّ انظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المكذبين} أي قل يا محمد لهؤلاء المستهزئين الساخرين: سافروا في الأرض فانظروا وتأملوا ماذا حلّ بالكفرة قبلكم من العقاب وأليم العذاب لتعتبروا بآثار من خلا من الأمم كيف أهلكهم الله وأصبحوا عبرةً للمعتبرين {قُل لِّمَن مَّا فِي السماوات والأرض} أي قل يا محمد لمن الكائنات جميعاً خلقاً وملكاً وتصرفاً؟ والسؤال لإِقامة الحجة على
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 352