نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 358
ما قصَّرنا وضيّعنا في الدنيا من صالح الأعمال {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ} أي والحال أنهم يحملون أثقال ذنوبهم على ظهورهم قال البيضاوي: وهذا تمثيلٌ لاستحقاقهم آصار الآثام وقال {على ظُهُورِهِمْ} لأن العادة حمل الأثقال على الظهور، قال ابن جزي: وهذا كناية عن تحمل الذنوب، وقيل إِنهم يحملونها على ظهورهم حقيقة فقد رُوي أن الكافر يركبه عمله بعد أن يتمثل له في أقبح صورة، وأن المؤمن يركب عمله بعد أن يتمثل له في أحسن صورة {أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ} أي بئس ما يحملونه من الأوزار {وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ} أي لذتها {وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أي الآخرة وما فيها من أنواع النعيم خير لعباد الله المتقين من دار الفناء لأنها دائمة لا يزول عنهم نعيمها ولا يذهب عنهم سرورها {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أي أفلا يعقلون أن الآخرة خير من الدنيا؟ ثم سلَّى تعالى نبيه لتكذيب قومه له فقال {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُونَ} أي قد أحطنا علماً بتكذيبهم لك وحزنك وتأسفك عليهم قال الحسن: كانوا يقولون إِنه ساحر وشاعر وكاهن ومجنون {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ ولكن الظالمين بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ} أي فإنهم في دخيلة نفوسهم لا يكذبونك بل يعتقدون صدقك ولكنهم يجحدون عن عناد فلا تحزن لتكذيبهم قال ابن عباس: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسمى الأمين فعرفوا أنه لا يكذب في شيء ولكنهم كانوا يجحدون فكان أبو جهل يقول: ما نكذبك يا محمد وإِنك عندنا المصدّق وإِنما تكذّب ما جئتنا به {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ على مَا كُذِّبُواْ} أي صبروا على ما نالهم من قومهم من التكذيب والاستهزاء {وَأُوذُواْ حتى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} أي وأُوذوا في الله حتى نصرهم الله، وفي الآية إرشادٌ إلى الصبر، ووعدٌ له بالنصر {وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله} قال ابن عباس: أي لمواعيد الله، وفي هذا تقوية للوعد {وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ المرسلين} أي ولقد جاءك بعض أخبار المرسلين الذين كُذّبوا وأُوذوا كيف أنجيناهم ونصرناهم على قومهم فتسلَّ ولا تحزن فإِن الله ناصرك كما نصرهم {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} أي إِن كان إِعراضهم عن الإِسلام وقد عظم وشقّ عليك يا محمد {فَإِن استطعت أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأرض} أي إِن قدرت أن تطلب سرَباً ومسكناً في جوف الأرض {أَوْ سُلَّماً فِي السمآء فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} أي مصعداً تصعد به إِلى السماء فتأتيهم بآيةٍ ممّا اقترحوه فافعل {وَلَوْ شَآءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهدى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجاهلين} أي لو أراد الله لهداهم إِلى الإِيمان فلا تكوننَّ يا محمد من الذين يجهلون حكمة الله ومشيئته الأزلية.
البَلاَغة: 1 - {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ} فيه تشبيه يسمى «المرسل المجمل» .
2 - {الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} فيه إيجاز بالحذف أي تزعمونهم شركاء.
3 - {انظر كَيْفَ كَذَبُواْ} الصيغة للتعجيب من كذبهم الغريب.
4 - {آذَانِهِمْ وَقْراً} عبَّر بالأكنة في القلوب والوقر في الآذان وهو تمثيل بطريق الاستعارة لإِعراضهم عن القرآن.
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 358