نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 380
ثم أكّد تعالى على وحدانيته وتفرده بالخلق والإيجاد فقال {ذلكم الله رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ} أي ذلكم الله خالقكم ومالككم ومدبّر أموركم لا معبود بحق سواه {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فاعبدوه} أي هو الخالق لجميع الموجودات ومن كان هكذا فهو المستحق للعبادة وحده {وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} أي وهو الحافظ والمدبر لكل شيء ففوّضوا أموركم إليه وتوسلوا إليه بعبادته {لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار} أي لا تصل إليه الأبصار ولا تحيط به وهو يراها ويحيط بها لشمول علمه تعالى للخفيات {وَهُوَ اللطيف الخبير} أي اللطيف بعباده الخبير بمصالحهم قال ابن كثير: ونفيُ الإدراك الخاص لا ينفي الرؤية يوم القيامة إذ يتجلى لعباده المؤمنين كما يشاء، فأما جلاله وعظمته على ما هو عليه تعالى وتقدس فلا تدركه الأبصار ولهذا كانت عائشة تثبت الرؤية في الآخرة وتنفيها في الدنيا وتحتج بهذه الآية {قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ} أي قد جاءكم البينات والحجج التي تُبصرون بها الهدى من الضلال وتميزون بها بين الحق والباطل قال الزجاج: المعنى قد جاءكم القرآن الذي فيه البيان والبصائر {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} قال الزمخشري: المعنى من أبصر الحق وآمن فلنفسه أبصر وإيّاها نفع ومن عمي عنه فعلى نفسه عمي وإيّاها ضرَّ بالعمى {وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أي لست عليكم بحافظ ولا رقيب وإنما أنا منذر والله هو الحفيظ عليكم {وكذلك نُصَرِّفُ الآيات} أي وكما بينا ما ذُكر نبيّن الآيات ليعتبروا {وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} أي وليقول المشركون درست يا محمد في الكتب وقرأت فيها وجئتَ بهذا القرآن واللامُ لامُ العاقبة {وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي ولنوضحه لقوم يعلمون الحق فيتبعونه {اتبع مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} أي اتبع يا محمد القرآن الذي أوحاه الله إليك قال القرطبي: أي لا تشغل قلبك وخاطرك بهم بل اشتغل بعبادة الله {لا إله إِلاَّ هُوَ} أي لا معبود بحقٍ إلا هو {وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} أي لا تحتفل بهم ولا تلتفت إلى آرائهم {وَلَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكُواْ} أي لو شاء الله هدايتهم لهداهم فلم يشركوا ولكنه سبحانه يفعل ما يشاء
{لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} أي وما جعلناك رقيباً على أعمالهم تجازيهم عليها {وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} أي ولستَ بموكل على أرزاقهم وأمورهم قال الصاوي: وهذا تأكيد لما قبله أي لستَ حفيظاً مراقباً لهم فنجبرهم على الإِيمان وهذا كان قبل الأمر بالقتال {وَلاَ تَسُبُّواْ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله} أي لا تسبوا آلهة المشركين وأصنامهم {فَيَسُبُّواْ الله عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي فيسبوا الله جهلاً واعتداءً لعدم معرفتهم بعظمة الله قال ابن عباس: قال المشركون: لتنتهينَّ عن سبك آلهتنا أو لنهجونَّ ربك فنهاهم الله أن يسبّوا أوثانهم {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} أي كما زينّا لهؤلاء أعمالهم كذلك زينّا لكل أمةٍ عملهم قال ابن عباس: زينّا لأهل الطاعة الطاعة ولأهل الكفر الكفرَ {ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي ثم معادهم ومصيرهم إلى الله فيجازيهم بأعمالهم، وهو وعيدٌ بالجزاء والعذاب {
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 380