نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 419
قبورهم لعلكم تعتبرون وتؤمنون قال ابن كثير: وهذا المعنى كثير في القرآن يضرب الله المثل ليوم القيامة بإحياء الأرض بعد موتها ولها قال لعلكم تذكّرون {والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} أي الأرضُ الكريمةُ التربة يخْرج النبات فيها وافياً حسناً غزير النفع بمشيئة الله وتيسيره، وهذا مثل للمؤمن يسمع الموعظة فينتفع بها {والذي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً} أي والأرض إذا كانت خبيثة التربة كالحرّة أو السبخة لا يخرج النبات فيها إلا بعسر ومشقة وقليلاً لا خير فيه، وهذا مثلٌُ للكافر الذي لا ينتفع بالموعظة قال ابن عباس: هذا مثلٌ ضربه الله للمؤمن والكافر، فالمؤمن طيّب وعمله طيب كالأرض الطيبة ثمرها طيب، والكافر خبيثٌ وعملهُ خبيث كالأرض السبخة المالحة لا ينتفع بها {كذلك نُصَرِّفُ الآيات لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} أي كما ضربنا هذا المثل كذلك نبيّن وجوه الحجج ونكررها آية بعد آية، وحجة بعد حجة لقوم يشكرون الله على نعمه، وإنما خصّ الشاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بسماع القرآن قال الآلوسي: أي مِثلَ هذا التصريف البديع نردِّد الآيات الدالة على القدرة الباهرة ونكررها لقومٍ يشكرون نعم الله تعالى، وشكرُها بالتفكر والاعتبار بها {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ} اللام جواب قسمٍ محذوف أي والله أرسلنا نوحاً، ونوحٌ شيخ الأنبياء لأنه أطولهم عمراً وهو أول نبيّ بعثه الله بعد إدريس، ولم يلق نبيٌّ من الأذى مثل نوح {فَقَالَ يَاقَوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ} أي وحدّوا الله ولا تشركوا به فما لكم إلهٌ مستحقٌ للعبادة غيره {إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي إن أشركتم به ولم تؤمنوا فأنا أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيم هو يوم القيامة {قَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} أي قال الأشراف والسادة من قومه إنا لنراك يا نوح في ذهابٍ عن طريق الحق والصواب واضح جلي قال أبو حيان: ولم يجبه من قومه إلا أشرافُهم وسادتهم وهم الذين يتعاصون على الرسل لانغماس عقولهم بالدنيا وطلب الرياسة، وهكذا حال الفجار إنما يرون الأبرار في ضلالة {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين} أي ما أنا بضال ولكنْ أنا مرسل إليكم من عند ربكم المالك لأموركم الناظر لكم بالمصلحة {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} أي أنا أبلغكم ما أرسلني الله به إليكم وأقصد صلاحكم وخيركم وأعلم من الأمور الغيبية أشياء لا علم لكم بها قال ابن كثير: وهذا شأن الرسول أن يكون مبلغاً فصيحاً ناصحاً عالماً بالله لا يدركه أحد من خلق الله في هذه الصفات {أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ على رَجُلٍ مِّنْكُمْ} أي لا تعجبوا من هذا فإِن هذا
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 419