نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 486
أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك} أي إِن استأمنك مشرك وطلب منك جوارك {فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله} أي أمنه حتى يسمع القرآن ويتدبره قال الزمخشري: المعنى إِن جاءك أحد من المشركين بعد انقضاء الأشهر، لا عهد بينك وبينه، واستأمنك ليسمع ما تدعو إِليه من التوحيد والقرآن، فأمنه حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويطّلع على حقيقة الأمر أقول: هذا غاية في حسن المعاملة وكرم الأخلاق، لأن المراد ليس النيل من الكافرين، بل إِقناعهم وهدايتهم حتى يعرفوا الحق فيتبعوه، ويتركوا ما هم عليه من الضلال {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} أي ثم إِن لم يُسلم فأوصله إِلى ديار قومه التي يأمن فيها على نفسه وماله من غير غدر ولا خيانة {ذلك بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} أي ذلك الأمر بالإِجارة للمشركين، بسبب أنهم لا يعلمون حقيقة دين الإِسلام، فلا بد من أمانهم حتى يسمعوا ويتدبروا، ثم بين تعالى الحكمة من البراءة من عهود المشركين فقال {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ الله وَعِندَ رَسُولِهِ} استفهام بمعنى الانكار والاستبعاد أي كيف يكون عهد معتدٌ به عند الله ورسوله، ثم استدرك فقال {إِلاَّ الذين عَاهَدْتُمْ عِندَ المسجد الحرام} أي لكن من عهدتم من المشركين عند المسجد الحرام ولم ينقضوا العهد قال ابن عباس: هم أهل مكة وقال ابن إسحاق: هم قبائل بني بكر كانوا دخلوا وقت الحديبية في المدة التي كانت بين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وبين قريش، فأمر بإِتمام العهد لمن لم يكن نقض عهده منهم {فَمَا استقاموا لَكُمْ فاستقيموا لَهُمْ} أي فما داموا مستقيمين على عهدهم فاستقيموا لهم على العهد قال الطبري: أي فما استقاموا لكم على العهد فاستقيموا لهم على الوفاء {إِنَّ الله يُحِبُّ المتقين} أي يحب من اتقى ربه، ووفى عهده، وترك الغدر والخيانة {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} تكرار لاستبعاد ثباتهم على العهد أي كيف يكون لهم عهد وحالهم هذه أنهم إِن يظفروا بكم {لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} أي لا يراعوا فيكم عهداً ولا ذمة، لأنه لا عهد لهم ولا أمان قال أبو حيان: وهذا كله تقرير واستبعاد لثبات قلوبهم على العهد {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ} أي يرضونكم بالكلام الجميل إِن كان الظفر لكم عليهم {وتأبى قُلُوبُهُمْ} أي وتمنع قلوبهم من الإِذعان والوفاء بما أظهروه وقال الطبري: المعنى يعطونكم بألسنتهم من القول خلاف ما يضمرونه لكم في نفوسهم من العداوة والبغضاء، وتأبى قلوبهم أن يذعنوا بتصديق ما يبدونه لكم بألسنتهم {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} أي وأكثرهم ناقضون للعهد خارجون عن طاعة الله {اشتروا بِآيَاتِ الله ثَمَناً قَلِيلاً} أي استبدلوا بالقرآن عرضاً يسيراً من متاع الدنيا الخسيس {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ} أي منعوا الناس عن اتباع دين الإِسلام {إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي بئس هذا العمل القبيح الذي عملوه {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} أي لا يراعون في قتل مؤمن لو قدروا عليه عهداً ولا ذمة {وأولئك هُمُ المعتدون} أي وأولئك الجامعون لتلك الأوصاف الذميمة هم المجاوزون الحد في الظلم والبغي {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة} أي فإِن تابوا عن الكفر وأقاموا الصلاة وأعطوا الزكاة {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدين} أي فهم إخوانكم في الدين، لهم ما لكم، وعليهم ما عليكم {وَنُفَصِّلُ
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 486