نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 542
لهؤلاء المشركين من ينزل لكم الغيث والقطر، ويخرج لكم الزروع والثمار؟ {أَمَّن يَمْلِكُ السمع والأبصار} أي من ذا الذي يملك أسماعكم وأبصاركم، التي تسمعون وتبصرون بها؟ ومن يستطيع أن يردها لكم إذا أراد الله أن يسلبكموها؟ كقوله
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ} [الأنعام: 46] الآية {وَمَن يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي} ؟ أي من يخرج الإِنسان من النطفة، والطير من البيضة، والسنبلة من الحبة، والنبات من الأرض، والمؤمن من الكافر؟ {وَمَن يُدَبِّرُ الأمر} أي ومن يدبّر أمر الخلائق، ويصرِّف شئون الكائنات؟ {فَسَيَقُولُونَ الله} أي فسيقرون بأن فاعل ذلك كلِّه هو الله ربُّ العالمين، إذ لا مجال للمكابرة والعناد لغاية وضوحه {فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} أي قل لهم يا محمد أفلا تخافون عقابه ونقْمته بإِشراككم وعبادتكم غير الله؟ {فَذَلِكُمُ الله رَبُّكُمُ الحق} أي هذا الذي يفعل هذه الأشياء الجليلة هو ربكم الحق، الثابت ربوبيتُه ووحدانيتُه بالبراهين القاطعة {فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال} استفهام انكاري أي ليس بعد الحق إلا الضلال، فمن تخطى الحق الذي هو عبادة الله تعالى وقع في الضلال {فأنى تُصْرَفُونَ} أي فكيف تُصرفون عن عبادة الله، إلى عبادة ما لا يخلق ولا يرزق، ولا يحيي ولا يميت؟ {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} أي كذلك وجب قضاء الله وحكمه السابق {عَلَى الذين فسقوا} أي على الذين خرجوا عن الطاعة وكفروا وكذبوا {أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} أي لأنهم لا يصدّقون بوحدانية الله ورسالة نبيّه، فلذلك حقت عليهم كلمة العذاب لشقاوتهم وضلالتهم {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} أي قل لهم يا محمد على جهة التوبيخ والتقريع: هل من الأوثان والأصنام من ينشيء الخلق من العدم ثم يفنيه، ثم يعيده ويحييه؟ قال الطبري: ولما كانوا لا يقدرون على دعوى ذلك، وفيه الحجة القاطعة، والدلالة الواضحة على أنهم في دعوى الأرباب كاذبون مفترون، أُمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالجواب {قُلِ الله يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} أي قل لهم يا محمد: الله وحده هو الذي يحيي ويميت، ويبدأ ويُعيد، وليس أحدٌ من هؤلاء الآلهة المزعومة يفعل ذلك {فأنى تُؤْفَكُونَ} أي فكيف تنقلبون وتنصرفون عن الحق إلى الباطل؟ {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يهدي إِلَى الحق} توبيخٌ آخر في صورة استفهام أي قل لهؤلاء المشركين هل من هذه الآلهة التي تعبدونها من يرشد ضالاً؟ أو يهدي حائراً؟ أو يدل على طريق الحق وسبيل الاستقامة؟ {قُلِ الله يَهْدِي لِلْحَقِّ} أي فقل لهم: إن عجزتْ آلهتكم عن ذلك فالله هو القادر على هداية الضالّ، وإنارة السبيل، وبيان الحق {أَفَمَن يهدي إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يهدي إِلاَّ أَن يهدى} أي أفمن يرشد إِلى الحق وهو سبحانه وتعالى أحقُّ بالاتباع أم هذه الأصنام التي لا تهدي أحداً؟ ولا تستطيع هداية نفسها فضلاً عن هداية غيرها؟ {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} أي ما لكم أيها المشركون تسوّون بين الأصنام وبين ربّ الأرباب، وتحكمون بهذا الباطل الصُراح؟ وهو استفهام معناه التعجب والإِنكار، ثم بيّن تعالى فساد نحلتهم بعد أن أفحمهم بالبراهين النيرة التي توجب التوحيد وتبطل التقليد فقال {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً} أي وما يتبعون في اعتقادهم ألوهية الأصنام، إلا اعتقاداً غير
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 1 صفحه : 542