المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى قبائح اليهود، وما اختصوا به من ضروب السحر والشعوذة، أعقبه ببيان نوع آخر من السوء والشر، الذي يضمرونه للنبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمسلمين، من الطعن والحقد والحسد، وتمني زوال النعمة عن المؤمنين، واتخاذهم الشريعة الغراء هدفاً للطعن والتجريح بسبب النسخ لبعض الأحكام الشرعية.
اللغَة: {رَاعِنَا} من المراعاة وهي الإِنظار والإِمهال، وأصلها من الرعاية وهي النظر في مصالح الإِنسان، وقد حرفها اليهود فجعلوها كلمة مسبة مشتقة من الرعونة وهي الحُمْق ولذلك نهي عنها المؤمنون {انظرنا} من النظر والانتظار تقول: نظرتُ الرجل إِذا انتظرته وارتقبته أي انتظرنا وتأنَّ بنا {يَوَدُّ} يتمنى ويحب {نَنسَخْ} النسخ في اللغة: الإِبطال والإِزالة يقال: نسخت الشمس الظل أي أزالته وفي الشرع: رفع حكم شرعي وتبديله بحكم آخر {نُنسِهَا} من أنسى الشيءَ جعله منسياً فهو من النسيان الذي هو ضد الذكر أي نمحها من القلوب {وَلِيٍّ} الولي: من يتولى أمور الإِنسان ومصالحه {نَصِير} النصير: المعين مأخوذ من قولهم نصره إِذا أعانه {أَمْ} بمعنى بل وهي تفيد الانتقال من جملة إلى جملة كقوله تعالى {أَمْ يَقُولُونَ افتراه} [يونس: 38] أي بل يقولون {يَتَبَدَّلِ} يقال: بدّل وتبدل واستبدل أي جعل شيئاً موضع آخر، وتبدل الكفر بالإِيمان معناه أخذه بدل الإِيمان {سَوَآءَ السبيل} أي وسط الطريق، والسواء من كل شيء: الوسط، والسبيل معناه الطريق {فاعفوا} العفو: ترك المؤاخذة على الذنب {واصفحوا} والصفح: ترك التأنيب عنه.
سَبَبُ النّزول: روي أن اليهود قالوا: ألا تعجبون لأمر محمد؟ {يأمر أصحابه بأمرٍ ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً، فما هذا القرآن إِلا كلام محمد بقوله من تلقاء نفسه، يناقض بعضه بعضاً فنزلت {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ} .
التفسير: {يَاأَيُّهَا الذين آمَنُواْ} هذا نداء من الله جل شأنه للمؤمنين يخاطبهم فيه فيقول {لاَ