responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 213
الْإِجَابَةِ: هُوَ مَعْنَى مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [1] وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَقْبَلُ عِبَادَةَ مَنْ عَبَدَنِي بِالدُّعَاءِ، لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِجَابَةَ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَكَوْنُ الدُّعَاءِ مِنَ الْعِبَادَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّ الْإِجَابَةَ هِيَ الْقَبُولُ لِلدُّعَاءِ، أَيْ: جَعَلَهُ عِبَادَةً مُتَقَبَّلَةً فَالْإِجَابَةُ أَمْرٌ آخَرُ غَيْرُ قَبُولِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ. وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُجِيبُ بِمَا شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ، فَقَدْ يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ قَرِيبًا، وَقَدْ يَحْصُلُ بَعِيدًا، وَقَدْ يَدْفَعُ عَنِ الدَّاعِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَعْلَمُهُ بِسَبَبِ دُعَائِهِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ اعْتِدَاءِ الدَّاعِي فِي دُعَائِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [2] وَمِنَ الِاعْتِدَاءِ: أَنْ يَطْلُبَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ، كَمَنْ يُطْلَبُ مَنْزِلَةً فِي الْجَنَّةِ مُسَاوِيَةً لِمَنْزِلَةِ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ فَوْقَهَا. وَقَوْلُهُ: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي أَيْ: كَمَا أَجَبْتُهُمْ إِذَا دَعَوْنِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي فِيمَا دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَاتِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ إِجَابَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِدُعَائِهِمْ بِاسْتِجَابَتِهِمْ لَهُ، أَيِ: الْقِيَامِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَالتَّرْكِ لِمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ. وَالرُّشْدُ: خِلَافُ الْغَيِّ، رَشَدَ يَرْشُدُ رُشْدًا، وَرَشَدًا. قَالَ الْهَرَوِيُّ:
الرُّشْدُ وَالرَّشَدُ وَالرَّشَادُ، الْهُدَى وَالِاسْتِقَامَةُ. قَالَ: وَمِنْهُ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الصَّلْتِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيهِ أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيهِ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
سَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ رَبُّنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ رَبُّنَا؟ فَنَزَلَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجِزُوا عَنِ الدُّعَاءِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلِيَّ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَبُّنَا يَسْمَعُ الدُّعَاءَ أَمْ كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هذه الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ لَمَّا نَزَلَتِ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ سَاعَةٍ نَدْعُو، فَنَزَلَتْ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يدّخرها لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا» . وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يُعَجِّلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي قَالَ: لِيَدْعُونِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي أَيْ: أَنَّهُمْ إِذَا دَعَوْنِي اسْتَجَبْتُ لَهُمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي أَيْ: فَلْيُطِيعُونِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ قَالَ: يَهْتَدُونَ.

[1] غافر: 60.
[2] الأعراف: 55.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست