responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 270
فَيُقَالُ لِلْحَيْضِ: قُرْءٌ، وَلِلطُّهْرِ: قُرْءٌ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ. وَقَدْ أَطْلَقَتْهُ الْعَرَبُ تَارَةً:
عَلَى الْأَطْهَارِ، وَتَارَةً: عَلَى الْحَيْضِ، فَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْأَطْهَارِ قَوْلُ الْأَعْشَى:
أَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ ... تَشَدُّ لْأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا
مُوَرِّثَةٍ مَالًا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةٌ ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
أَيْ: أَطْهَارِهِنَّ، وَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَا رُبَّ ذِي حَنْقٍ عَلَيَّ قَارِضِ ... لَهُ قُرُوٌّ كَقُرُوِّ الْحَائِضِ «1»
يَعْنِي أَنَّهُ طَعَنَهُ فَكَانَ لَهُ دَمٌ كَدَمِ الْحَائِضِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مأخوذ من قرء الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ وَهُوَ جَمْعُهُ، وَمِنْهُ: الْقُرْآنُ، لِاجْتِمَاعِ الْمَعَانِي فِيهِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
ذراعي عيطل عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ ... هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقَرَا جَنِينَا
أَيْ: لَمْ تَجْمَعْهُ فِي بَطْنِهَا. وَالْحَاصِلُ أن القرء فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَلِأَجْلِ هَذَا الِاشْتِرَاكِ، اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَعْيِينِ مَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْقُرُوءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: هِيَ الْحَيْضُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَعِكْرِمَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ: هِيَ الْأَطْهَارُ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الْوَقْتُ، فَصَارَ مَعْنَى الْآيَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ أَوْقَاتٍ فَهِيَ عَلَى هَذَا مُفَسَّرَةٌ فِي الْعَدَدِ، مُجْمَلَةٌ فِي الْمَعْدُودِ، فَوَجَبَ طَلَبُ الْبَيَانِ لِلْمَعْدُودِ مِنْ غَيْرِهَا فَأَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ اسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الآية: الحيض، بقوله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» وَبُقُولِهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: «طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» وَبِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعِدَّةِ اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْحَيْضِ لَا بِالطُّهْرِ. وَاسْتَدَلَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي بقوله تعالى:
فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [2] وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ وَقْتَ الطُّهْرِ. ولقوله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» وَذَلِكَ لِأَنَّ زَمَنَ الطُّهْرِ هُوَ الَّذِي تُطَلَّقُ فِيهِ النِّسَاءُ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا يَقُولُ: بِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ، فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ اعْتَدَّتْ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ وَلَوْ سَاعَةً وَلَوْ لَحْظَةً، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ طُهْرًا ثَانِيًا بَعْدَ حَيْضَةٍ، فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ. انْتَهَى. وَعِنْدِي أَنْ لَا حُجَّةَ فِي بَعْضِ مَا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا. أَمَّا قَوْلُ الْأَوَّلِينَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» فَغَايَةُ مَا فِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَقْرَاءَ عَلَى الْحَيْضِ، وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ شَأْنُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى هَذَا، وَتَارَةً عَلَى هَذَا، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْأَقْرَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم في

(1) . في القرطبي (3/ 114) :
يَا رَبِّ ذِي ضَغَنٍ عَلَيَّ فَارِضٌ ... لَهُ قروء كقروء الحائض
[2] الطلاق: 1.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست