responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 308
عَنْ مِائَةِ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الْبَلَاءَ» ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عُمَرَ: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ الآية، وفي إسناده يحيى ابن سعيد العطار الحمصي وهو ضعيف جدا.

[سورة البقرة (2) : آية 253]
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)
قَوْلُهُ: تِلْكَ الرُّسُلُ قِيلَ: هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى جَمِيعِ الرُّسُلِ، فَتَكُونُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَقِيلَ:
هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَقِيلَ: إِلَى الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ بَلَغَ عِلْمُهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. وَالْمُرَادُ بِتَفْضِيلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ مَزَايَا الْكَمَالِ فَوْقَ مَا جَعَلَهُ لِلْآخَرِ، فَكَانَ الْأَكْثَرُ مَزَايَا فَاضِلًا وَالْآخَرُ مَفْضُولًا. وَكَمَا دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى: أَنَّ بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، كَذَلِكَ دَلَّتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً [1] وَقَدِ اسْتَشْكَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ:
«لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ» وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» وَفِي لَفْظِ: «لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ هَذَا القول منه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِالتَّفْضِيلِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ نَاسِخٌ لِلْمَنْعِ مِنَ التَّفْضِيلِ وَقِيلَ: إنه قال صلّى الله عليه وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ كَمَا قَالَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بن متّى» تواضعا، معه عِلْمِهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ قَطْعًا لِلْجِدَالِ وَالْخِصَامِ فِي الأنبياء، فيكون مخصوصا بمثل ذلك، إلا إِذَا كَانَ صُدُورُ ذَلِكَ مَأْمُونًا وَقِيلَ: إِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ النُّبُوَّةِ فَقَطْ، لِأَنَّهَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَفَاضُلَ فِيهَا، وَلَا نَهْيَ عَنِ التَّفَاضُلِ بِزِيَادَةِ الْخُصُوصِيَّاتِ وَالْكَرَامَاتِ وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ: النَّهْيُ عَنِ التَّفْضِيلِ لِمُجَرَّدِ الْأَهْوَاءِ وَالْعَصَبِيَّةِ. وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ضَعْفٌ.
وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ فَضَّلَ بَعْضَ أَنْبِيَائِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنَّ الْمَزَايَا الَّتِي هِيَ مَنَاطُ التَّفْضِيلِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ اللَّهِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا خَافِيَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَعْلُومَةٍ عِنْدَ الْبَشَرِ، فَقَدْ يَجْهَلُ أَتْبَاعُ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَعْضَ مَزَايَاهُ وَخُصُوصِيَّاتِهِ فَضْلًا عَنْ مَزَايَا غَيْرِهِ، وَالتَّفْضِيلُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِجَمِيعِ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا هَذَا فَاضِلًا وَهَذَا مَفْضُولًا، لَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِبَعْضِهَا أَوْ بِأَكْثَرِهَا أَوْ بِأَقَلِّهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ تَفْضِيلٌ بِالْجَهْلِ، وَإِقْدَامٌ عَلَى أَمْرٍ لَا يَعْلَمُهُ الْفَاعِلُ لَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ إِلَّا الْقُرْآنُ فِي الْإِخْبَارِ لَنَا بِأَنَّ اللَّهَ فَضَّلَ بَعْضَ أَنْبِيَائِهِ عَلَى بَعْضٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْبَشَرِ أَنْ يُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ؟ وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَالْقُرْآنُ فِيهِ الْإِخْبَارُ مِنَ اللَّهِ بِأَنَّهُ فَضَّلَ بَعْضَ أَنْبِيَائِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا النَّهْيُ لِعِبَادِهِ أَنْ يُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَائِهِ، فَمَنْ تَعَرَّضَ لِلْجَمْعِ بينهما زاعما أنهما

[1] الإسراء: 55.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست