responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 336
مَا كَانَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ تُنْفِقُونَ كَائِنًا مِنْ خَيْرٍ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ النَّفَقَةَ الْمُعْتَدَّ بِهَا الْمَقْبُولَةَ إِنَّمَا هِيَ مَا كَانَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: أَيْ: لِابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: يُوَفَّ إِلَيْكُمْ أَيْ: أَجْرُهُ وَثَوَابُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ التَّضْعِيفِ. قَوْلُهُ: لِلْفُقَراءِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ أَوْ بِمَحْذُوفٍ: أَيِ: اجْعَلُوا ذَلِكَ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: إِنْفَاقُكُمْ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِالْغَزْوِ أَوِ الْجِهَادِ وَقِيلَ: مُنِعُوا عَنِ التَّكَسُّبِ لما هم فيه من الضعف: الذين لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ لِلتَّكَسُّبِ بِالتِّجَارَةِ وَالزِّرَاعَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ بِسَبَبِ ضَعْفِهِمْ، قِيلَ: هُمْ فُقَرَاءُ الصُّفَّةِ وَقِيلَ:
كُلُّ مَنْ يَتَّصِفُ بِالْفَقْرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مِنْ أَحْوَالِ أُولَئِكَ الْفُقَرَاءِ مَا يُوجِبُ الْحُنُوَّ عَلَيْهِمْ وَالشَّفَقَةَ بِهِمْ، وَهُوَ كَوْنُهُمْ مُتَعَفِّفِينَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَإِظْهَارِ الْمَسْكَنَةِ بِحَيْثُ يَظُنُّهُمُ الْجَاهِلُ بِهِمْ أَغْنِيَاءَ. وَالتَّعَفُّفُ: تَفَعُّلٌ، وَهُوَ بِنَاءُ مُبَالَغَةٍ، مِنْ عَفَّ عَنِ الشَّيْءِ: إِذَا أَمْسَكَ عَنْهُ وَتَنَزَّهَ عَنْ طَلَبِهِ، وَفِي «يَحْسَبُهُمْ» لُغَتَانِ: فَتْحُ السِّينِ، وَكَسْرُهَا. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: وَالْفَتْحُ أَقْيَسُ. لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنَ الْمَاضِي مَكْسُورَةٌ، فَبَابُهَا أَنْ تَأْتِيَ فِي الْمُضَارِعِ مَفْتُوحَةً. فَالْقِرَاءَةُ بِالْكَسْرِ عَلَى هَذَا حَسَنَةٌ وَإِنْ كَانَتْ شَاذَّةً. وَ «مِنْ» فِي قَوْلِهِ: مِنَ التَّعَفُّفِ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَقِيلَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ. قَوْلُهُ: تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ أَيْ: بِرَثَاثَةِ ثِيَابِهِمْ، وَضَعْفِ أَبْدَانِهِمْ، وَكُلِّ مَا يُشْعِرُ بِالْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ. وَالْخِطَابُ إِمَّا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ، وَالسِّيمَا مَقْصُورَةً:
الْعَلَامَةُ، وَقَدْ تُمَدُّ. وَالْإِلْحَافُ: الْإِلْحَاحُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ اللِّحَافِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ: لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وُجُوهِ الطَّلَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ كَاشْتِمَالِ اللحاف على التغطية. ومعنى قوله: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَهُمْ أَلْبَتَّةَ، لَا سُؤَالَ إِلْحَاحٍ، وَلَا سُؤَالَ غَيْرِ إِلْحَاحٍ. وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالزَّجَّاجُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ، وَوَجْهُهُ: أَنَّ التَّعَفُّفَ صِفَةٌ ثَابِتَةٌ لَهُمْ لَا تُفَارِقُهُمْ، وَمُجَرَّدُ السُّؤَالِ يُنَافِيهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُمْ إذا سَأَلُوا بِتَلَطُّفٍ وَلَا يُلْحِفُونَ فِي سُؤَالِهِمْ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَوَجُّهِ النَّفْيِ إِلَى الْقَيْدِ دُونَ الْمُقَيَّدِ، لَكِنَّ صِفَةَ التَّعَفُّفِ تُنَافِيهِ، وَأَيْضًا كَوْنُ الْجَاهِلِ بِهِمْ يَحْسَبُهُمْ أَغْنِيَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ عَدَمِ السُّؤَالِ أَلْبَتَّةَ. وَقَوْلُهُ: بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ يُفِيدُ زِيَادَةَ رَغْبَتِهِمْ فِي الْإِنْفَاقِ وَشِدَّةَ حِرْصِهِمْ عَلَيْهِ، حَتَّى أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ ذَلِكَ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَيَفْعَلُونَهُ سِرًّا وَجَهْرًا عِنْدَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ حَاجَةُ الْمُحْتَاجِينَ، وَيَظْهَرَ لَدَيْهِمْ فَاقَةُ الْمُفْتَاقِينَ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ.
وَدُخُولُ الْفَاءِ فِي خَبَرِ الْمَوْصُولِ أَعْنِي قَوْلَهُ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى سَبَبِيَّةِ مَا قَبْلَهَا لِمَا بَعْدَهَا وَقِيلَ:
هِيَ لِلْعَطْفِ، وَالْخَبَرُ لِلْمَوْصُولِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَرْضَخُوا لِأَنْسَابِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ فَرَخَّصَ لَهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالضِّيَاءُ عَنْهُ قال أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَتَصَدَّقَ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَأَمَرَ بِالصَّدَقَةِ بَعْدَهَا عَلَى كُلِّ مَنْ سَأَلَكَ مِنْ كُلِّ دِينٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست