responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 354
خَطَأً وَنِسْيَانًا، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ. انْتَهَى. قَوْلُهُ: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَتَكْرِيرُ النِّدَاءِ لِلْإِيذَانِ بِمَزِيدِ التضرّع واللجأ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَالْإِصْرُ:
الْعِبْءُ الثَّقِيلُ الَّذِي يَأْصِرُ صَاحِبَهُ، أَيْ: يَحْبِسُهُ مَكَانَهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ لِثِقَلِهِ. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا التَّكْلِيفُ الشَّاقُّ، وَالْأَمْرُ الْغَلِيظُ الصَّعْبُ وَقِيلَ الْإِصْرُ: شِدَّةُ الْعَمَلِ وَمَا غَلُظَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَتْلِ الْأَنْفُسِ وَقَطْعِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
يَا مَانِعَ الضَّيْمِ أَنْ تَغْشَى سَرَاتَهُمُ ... وَالْحَامِلَ الإصر عنهم بعد ما غَرِقُوا
وَقِيلَ: الْإِصْرُ: الْمَسْخُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ وَقِيلَ: الْعَهْدُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي وَهَذَا الْخِلَافُ يَرْجِعُ إِلَى بَيَانِ مَا هُوَ الْإِصْرُ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا، لَا إِلَى مَعْنَى الْإِصْرِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بِلَا نِزَاعٍ، وَالْإِصَارُ: الْحَبَلُ الَّذِي تُرْبَطُ بِهِ الْأَحْمَالُ وَنَحْوُهَا، يُقَالُ: أَصَرَ يَأْصِرُ إِصْرًا:
حَبَسَ، وَالْإِصْرُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمَوْضِعُ: مَأْصِرٌ، وَالْجُمَعُ: مَآصِرُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مَعَاصِرُ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ لَا يَحْمِلَهُمْ مِنْ ثِقَلِ التَّكَالِيفِ مَا حَمَلَ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ. وَقَوْلُهُ:
كَما حَمَلْتَهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ حَمْلًا مِثْلَ حَمْلِكَ إِيَّاهُ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا، أَوْ صفة لإصرا، أَيْ: إِصْرًا مِثْلَ الْإِصْرِ الَّذِي حَمَلَتْهُ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا. قَوْلُهُ: رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ هُوَ أَيْضًا عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَتَكْرِيرُ النِّدَاءِ لِلنُّكْتَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذَا. وَالْمَعْنَى: لَا تُحَمِّلْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ ما لا نطيق وقيل: عِبَارَةٌ عَنْ إِنْزَالِ الْعُقُوبَاتِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا تُنْزِلْ عَلَيْنَا الْعُقُوبَاتِ بِتَفْرِيطِنَا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى تِلْكَ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ الَّتِي كَلَّفْتَ بِهَا مَنْ قَبْلَنَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الشَّاقُّ الَّذِي لَا يَكَادُ يُسْتَطَاعُ مِنَ التَّكَالِيفِ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَهَذَا تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ: وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً. قَوْلُهُ: وَاعْفُ عَنَّا أَيْ: عَنْ ذُنُوبِنَا، يُقَالُ: عَفَوْتُ عَنْ ذَنْبِهِ: إِذَا تَرَكْتَهُ وَلَمْ تُعَاقِبْهُ عَلَيْهِ وَاغْفِرْ لَنا أَيِ: اسْتُرْ عَلَى ذُنُوبِنَا، وَالْغَفْرُ: السَّتْرُ وَارْحَمْنا أَيْ:
تَفَضَّلْ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ عَلَيْنَا أَنْتَ مَوْلانا أَيْ: وَلِيُّنَا وَنَاصِرُنَا، وَخَرَجَ هَذَا مَخْرَجَ التَّعْلِيمِ كَيْفَ يَدْعُونَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنْتَ سَيِّدُنَا وَنَحْنُ عَبِيدُكَ فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْمَوْلَى أَنْ يَنْصُرَ عَبِيدَهُ، وَالْمُرَادُ: عَامَّةُ الْكَفَرَةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي شَرْحِ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَ هذه أعني قوله: إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَخْ، أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ عَقِبَ كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ قَدْ فَعَلْتُ، فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، وَلَا حَمَلَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنَ الْإِصْرِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ، وَلَا حَمَّلَهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، وَعَفَا عَنْهُمْ، وَغَفَرَ لَهُمْ، وَرَحِمَهُمْ، وَنَصَرَهُمْ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حِبَّانَ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ لَا نَكْفُرُ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا نُكَذِّبُ بِهِ وَقالُوا سَمِعْنا لِلْقُرْآنِ الَّذِي جَاءَ مِنَ اللَّهِ وَأَطَعْنا، أَقَرُّوا لِلَّهِ أَنْ يُطِيعُوهُ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: غُفْرانَكَ رَبَّنا قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ قَالَ: إِلَيْكَ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ. وأخرج سعيد

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست